قال أمير المؤمنين وسيد الواعظين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، حريّ بمن هو موقن بموته، وبمفارقته لأحبابه، ومواجهته للحساب، أن يقطع أمله بالدنيا، وأن يتّجه إلى حسن العمل، والتوجّه إلى ما ينفعه بعد الموت:
"ولو أن أحداً يجد إلى البقاء سلَّماً أو إلى دفع الموت سبيلاً، لكان ذلك سليمان بن داود الذي سخر له ملك الجن والإنس مع النبوة وعظيم الزلفة، فلما استوفى طعمته([2]) واستكمل مدته رمته قسي الفناء([3]) بنبال الموت([4])، وأصبحت الديار منه خالية، والمساكن معطلة، وورثها قوم آخرون، وإن لكم في القرون السالفة لعبرة، أين العمالقة وأبناء العمالقة، أين الفراعنة وأبناء الفراعنة، أين أصحاب مدائن الرسّ([5]) الذين قتلوا النبيين، وأطفأوا سنن المرسلين، وأحيوا سنن الجبارين، أين الذين ساروا بالجيوش وهزموا بالألوف وعسكروا العساكر ومدنوا المدائن"([6]).