"أَيُّهَا النَّاسُ كُلُّ امْرِئٍ لَاقٍ مَا يَفِرُّ مِنْهُ فِي فِرَارِهِ الْأَجَلُ مَسَاقُ النَّفْسِ وَالْهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ كَمْ أَطْرَدْتُ([1]) الْأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا الْأَمْرِ([2]) فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا إِخْفَاءَهُ([3]) هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ([4]) أَمَّا وَصِيَّتِي فَاللَّهَ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَمُحَمَّداً صلى الله عليه وآله فَلَا تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ أَقِيمُوا هَذَيْنِ الْعَمُودَيْنِ وَأَوْقِدُوا هَذَيْنِ الْمِصْبَاحَيْنِ وَخَلَاكُمْ ذَمٌّ([5]) مَا لَمْ تَشْرُدُوا حُمِّلَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ مَجْهُودَهُ([6]) وَخُفِّفَ عَنِ الْجَهَلَةِ([7]) رَبٌّ رَحِيمٌ وَدِينٌ قَوِيمٌ وَإِمَامٌ عَلِيمٌ أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ وَأَنَا الْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ([8]) وَغَداً مُفَارِقُكُمْ غَفَرَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ إِنْ تَثْبُتِ الْوَطْأَةُ فِي هَذِهِ الْمَزَلَّةِ([9]) فَذَاكَ وَإِنْ تَدْحَضِ الْقَدَمُ([10]) فَإِنَّا كُنَّا فِي أَفْيَاءِ أَغْصَانٍ وَمَهَابِّ رِيَاحٍ وَتَحْتَ ظِلِّ غَمَامٍ اضْمَحَلَّ فِي الْجَوِّ مُتَلَفَّقُهَا([11]) وَعَفَا فِي الْأَرْضِ مَخَطُّهَا([12]) وَإِنَّمَا كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِي([13]) أَيَّاماً وَسَتُعْقَبُونَ مِنِّي جُثَّةً خَلَاءً([14]) سَاكِنَةً بَعْدَ حَرَاكٍ وَصَامِتَةً بَعْدَ نُطْقٍ لِيَعِظْكُمْ هُدُوِّي([15]) وَخُفُوتُ إِطْرَاقِي([16]) وَسُكُونُ أَطْرَافِي([17]) فَإِنَّهُ أَوْعَظُ لِلْمُعْتَبِرِينَ مِنَ الْمَنْطِقِ الْبَلِيغِ وَالْقَوْلِ الْمَسْمُوعِ وَدَاعِي لَكُمْ وَدَاعُ امْرِئٍ مُرْصِدٍ لِلتَّلَاقِي([18]) غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي وَيُكْشَفُ لَكُمْ عَنْ سَرَائِرِي وَتَعْرِفُونَنِي بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانِي وَقِيَامِ غَيْرِي مَقَامِي"([19])