تعريف الحقوق وأحوالها في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام)

2024.01.13 - 11:03
Facebook Share
طباعة

  يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، أن الله سبحانه وتعالى قد أعطاه حقّ تولّي أمور المسلمين، وجعل عليه حقاً بالمقابل، وهو الحكم بينكم بالحقّ، ويقول أمير المؤمنين عن الحقّ أنّ النّاس أكثر شيء تتكلّم النّاس عنه، وتطالب بتطبيقه مادام لصالحها، وأقلّ شيء يطبّقونه إذا كان عليهم، وفي هذا توصيف دقيقٌ من عالم ربّاني معلّم للحالة، فالحقّ كما يجري للإنسان، حتماً يجب أن يجري عليه:

"أما بعد: فقد جعل الله لي عليكم حقاً بولاية أمركم، ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم. فالحق أوسع الأشياء في التواصف([1]) وأضيقها في التناصف([2])، لا يجري لأحد إلا جرى عليه([3])، ولا يجري عليه إلا جرى له([4])"([5]).
ويقول (عليه السلام) فيها أيضاً، وليس لأحد -كائناً من كان- أن يُعان على تحصيل ما ليس له بحق، وليس لإنسان -مهما قلّ قدره- أن يؤكل عليه حقّه:
"وليس امرؤ - وإن عظمت في الحق منزلته وتقدمت في الدين فضيلته - بفوق أن يعان على ما حمّله الله من حقه، ولا امرؤ - وإن صغرته النفوس وأقحمته العيون - بدون أن يعين على ذلك أو يُعان عليه"([6]).
وقال (عليه السلام) فيها بتواضع العارف الزّاهد، لا أريد منكم أن تخاطبوني كما خاطب النّاس الجبابرة، فأنا عبد من عباد الله، استأمنه الله على عباده، ولا تتحفّظوا في الكلام أمامي، بل صارحوني إن قصّرت، واطلبوا حقوقكم مني، ولا تداهنوني، ولا تزيّفوا الحقائق أمامي كما تفعلون أمام السلاطين، وإياكم أن تظنّوا أني أمل أو أغضب إذا ما أطلتم بالإلحاح على حقوقكم، فإنّ من أغضبه الحق لم يعمل به:
"فلا تكلموني بما تُكلَّمُ به الجبابرة، ولا تتحفّظوا مني بما يتحفّظ عند أهل البادرة([7])، ولا تخالطوني بالمصانعة([8])، ولا تظنوا بي استثقالاً([9]) في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي([10])، فإنه من استثقل الحق أن يقال له، أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل"([11]).


[1] في الوصف والتحديد.
[2] عند الإنصاف والتنفيذ.
[3] كما تدين تدان.
[4] كما حفظ الحق نصيبك، يجب أن تحفظ حقوق الناس.
[5] نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ - الصفحة ١٩٨.
[6] المرجع السابق، ص 200.
[7] أصحاب السلطة.
[8] بالتصنّع والمداهنة.
[9] تثاقلاً عن إحقاق الحق.
[10] ولا أريد أن أسمع منكم إطراءً لأني أمنّت حقوقكم، فهذا واجبي، وثوابي عند الله.
[11]المرجع السابق، ص 201.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى