"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلُونَ([1]) وَلَا يُحْصِي نَعْمَاءَهُ الْعَادُّونَ
([2]) وَلَا يُؤَدِّي حَقَّهُ الْمُجْتَهِدُونَ
([3]) الَّذِي لَا يُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ
([4]) وَلَا يَنَالُهُ غَوْصُ الْفِطَنِ
([5]) الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ
([6]) وَلَا نَعْتٌ مَوْجُودٌ
([7]) وَلَا وَقْتٌ مَعْدُودٌ
([8]) وَلَا أَجَلٌ مَمْدُودٌ
([9]) فَطَرَ الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِهِ
([10]) وَنَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ
([11]) وَوَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ
([12]) أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ
([13]) وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ
([14]) وَكَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ
([15]) وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ
([16]) وَكَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ
([17]) لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ
([18]) وَشَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ
([19]) فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ
([20]) وَمَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ
([21]) وَمَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ
([22]) وَمَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ
([23]) وَمَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ
([24]) وَمَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ
([25]) وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ
([26]) وَمَنْ قَالَ فِيمَ فَقَدْ ضَمَّنَهُ
([27])وَمَنْ قَالَ عَلَامَ فَقَدْ أَخْلَى مِنْهُ
([28]) كَائِنٌ لَا عَنْ حَدَثٍ
([29]) مَوْجُودٌ لَا عَنْ عَدَمٍ
([30]) مَعَ كُلِّ شَيْءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ
([31]) وَغَيْرُ كُلِّ شيء لَا بِمُزَايَلَةٍ
([32]) فَاعِلٌ لَا بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ وَالْآلَةِ
([33]) بَصِيرٌ إِذْ لَا مَنْظُورَ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ
([34]) مُتَوَحِّدٌ إِذْ لَا سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بِهِ وَلَا يَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِهِ
([35])،أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً وَابْتَدَأَهُ ابْتِدَاءً
([36]) بِلَا رَوِيَّةٍ أَجَالَهَا
([37]) وَلَا تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا وَلَا حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا وَلَا هَمَامَةِ نَفْسٍ اضْطَرَبَ فِيهَا
([38]) أَحَالَ الْأَشْيَاءَ لِأَوْقَاتِهَا
([39]) وَلَأَمَ بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا
([40]) وَغَرَّزَ غَرَائِزَهَا
([41]) وَأَلْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا
([42]) عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا
([43]) مُحِيطاً بِحُدُودِهَا وَانْتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وَأَحْنَائِهَا
([44]) ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ فَتْقَ الْأَجْوَاءِ وَشَقَّ الْأَرْجَاءِ وَسَكَائِكَ
([45]) الْهَوَاءِ فَأَجْرَى فِيهَا مَاءً مُتَلَاطِماً تَيَّارُهُ مُتَرَاكِماً زَخَّارُهُ
([46]) حَمَلَهُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ وَالزَّعْزَعِ الْقَاصِفَةِ
([47]) فَأَمَرَهَا بِرَدِّهِ
([48]) وَسَلَّطَهَا عَلَى شَدِّهِ
([49]) وَقَرَنَهَا إِلَى حَدِّهِ
([50]) الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتِيقٌ
([51]) وَالْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ
([52]) ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَهُ رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا
([53]) وَأَدَامَ مُرَبَّهَا
([54]) وَأَعْصَفَ مَجْرَاهَا
([55]) وَأَبْعَدَ مَنْشَأَهَا فَأَمَرَهَا بِتَصْفِيقِ الْمَاءِ الزَّخَّارِ
([56]) وَإِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ فَمَخَضَتْهُ مَخْضَ السِّقَاءِ
([57]) وَعَصَفَتْ بِهِ عَصْفَهَا بِالْفَضَاءِ
([58]) تَرُدُّ أَوَّلَهُ إِلَى آخِرِهِ
([59]) وَسَاجِيَهُ إِلَى مَائِرِهِ
([60]) حَتَّى عَبَّ عُبَابُهُ
([61]) وَرَمَى بِالزَّبَدِ رُكَامُهُ
([62]) فَرَفَعَهُ فِي هَوَاءٍ مُنْفَتِقٍ
([63]) وَجَوٍّ مُنْفَهِقٍ
([64]) فَسَوَّى مِنْهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ جَعَلَ سُفْلَاهُنَّ مَوْجاً مَكْفُوفاً
([65]) وَعُلْيَاهُنَّ سَقْفاً مَحْفُوظاً
([66]) وَسَمْكاً مَرْفُوعاً
([67]) بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُهَا وَلَا دِسَارٍ يَنْظِمُهَا
([68]) ثُمَّ زَيَّنَهَا بِزِينَةِ الْكَوَاكِبِ وَضِيَاءِ الثَّوَاقِبِ
([69]) وَأَجْرَى فِيهَا سِرَاجاً مُسْتَطِيراً
([70]) وَقَمَراً مُنِيراً فِي فَلَكٍ دَائِرٍ
([71]) وَسَقْفٍ سَائِرٍ وَرَقِيمٍ مَائِرٍ
([72]) ([73])".