يصنّف أمير المؤمنين (عليه السلام) الملائكة الكرام في أصناف أربعة، العابدون الذين لا يسأمون من تسبيح الله وتمجيده، ولا يتعبون من تقديسه، والرسل إلى الخلق بالوحي والأوامر الإلهيّة، والحافظون للعباد من الشرور والمصائب، والمقيمون تحت عرش الله، مكرّسين لحفظ مملكة الإله. يقول أمير المؤمنين:
"ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ الْعُلَا، فَمَلَأَهُنَّ أَطْوَاراً([1]) مِنْ مَلَائِكَتِهِ، مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ، وَرُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ، وَصَافُّونَ لَا يَتَزَايَلُونَ([2])، وَمُسَبِّحُونَ لَا يَسْأَمُونَ، لَا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ، وَلَا سَهْوُ الْعُقُولِ، وَلَا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ([3])، وَلَا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ، وَمِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ، وَأَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ، وَمُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَأَمْرِهِ([4])، وَمِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ([5])، وَالسَّدَنَةُ([6]) لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ، وَمِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الْأَرَضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ، وَالْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ، وَالْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ، وَالْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ، نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ([7])، مُتَلَفِّعُونَ([8]) تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ، مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ، وَأَسْتَارُ الْقُدْرَةِ، لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ، وَلَا يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ، وَلَا يَحُدُّونَهُ بِالْأَمَاكِنِ، وَلَا يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ([9])-([10])".
[4] المرسلون بالأوامر إلى الخلق.
[10] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١ - الصفحة ٩١.