قال الامام علي (عليه السلام):
"الْحَمْدُ للهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَة، الْخَالِقِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّة([1])، الَّذِي لَمْ يَزَلْ قَائِماً دَائِماً; إِذْ لاَ سَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاج، وَلاَ حُجُبٌ ذَاتُ إِرْتَاج([2])، وَلاَ لَيْلٌ دَاج([3])، وَلاَ بَحْرٌ سَاج([4])، وَلاَ جَبَلٌ ذُو فِجَاج([5])، وَلاَ فَجٌّ ذُو اعْوِجَاج، وَلاَ أَرْضٌ ذَاتُ مِهَاد([6])، وَلاَ خَلْقٌ ذُو اعْتِماد([7])، ذلِكَ مُبْتَدِعُ الْخَلْقِ([8]) وَوَارِثُهُ، وَإِلهُ الْخَلْقِ وَرَازِقُهُ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ دَائِبَانِ([9]) فِي مَرْضَاتِهِ: يُبْلِيَانِ كُلَّ جَدِيد، وَيُقَرِّبَانِ كُلَّ بَعِيد.قَسَمَ أَرْزَاقَهُمْ، وَأَحْصَى آثَارَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ، وَعَدَدَ أنْفاسَهُمْ، وَخَائِنَةَ أعْيُنِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ مِنَ الضَّمِيرِ، وَمُسْتَقَرَّهُمْ وَمُسْتَوْدَعَهُمْ مِنَ الأرْحَامِ وَالظُّهُورِ، إِلَى أَنْ تَتَنَاهَى بِهِمُ الْغَايَاتُ.هُوَ الَّذِي اشْتَدَّتْ نِقْمَتُهُ عَلَى أَعْدَائِهِ فِي سَعَةِ رَحْمَتِهِ([10])، وَاتَّسَعَتْ رَحْمَتُهُ لأوْلِيَائِهِ فِي شِدَّةِ نِقْمَتِهِ([11])، قَاهِرُ مَنْ عَازَّهُ([12])، وَمُدَمِّرُ مَنْ شَاقَّهُ([13])، وَمُذِلُّ مَنْ نَاوَاهُ([14])، وَغَالِبُ مَنْ عَادَاهُ"([15]).
[2] تغلق على بعضها فتمنع الرؤية والمرور.
[5] طرق وممرات بين الجبال.
[7] كل الخلق متكامل مربوط ببعضه بحكمة خلاق عظيم.
[8] خلقه من العدم، من غير سابق مثيل أو نموذج أولي.
[9] مجتهدان في الحركة دون توقف.
[10] يأخذهم بالحلم فلا حساب فورياً، عسى أن يندموا ويتوبوا.
[11] يقبل توبة التائبين في عزّ غضبه عليهم.
[15] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٦ - الصفحة ٣٩٢.