قال امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)، في أهل الصلاح، أنّهم يسمعون الأحكام فيعونها ويستوعبونها، وإذا دُعوا إلى الهدى اقتربوا، واقتدوا بالهداة المهديين فنجوا، يراقبون الله ويعلمون أنّه سبحانه وتعالى يراقبهم، ويخافون أن يذنبوا، يقدّمون أعمالهم الصالحة خالصةً لله بغير ادعاء ولا مراءاة، اكتسب ذخيرةً لآخرته، واجتنب ما حذر الله منه، ورمى كل زينة الدنيا، وأقبل على ما يعوضه الله لعباده، ضبط هواه، وكذّب أمانيه التي تقود إلى المعصية، وصبر حتّى ينال، وجعل الورع عن محارم الله زاد وفاته، ومشى على الطريق المنيرة ولحق الإشارات الواضحة، واغتنم عمره وصحته فعمل صالحاً، وسابق أجله فسبقه، وتزود بالصالحات طيلة حياته:
رَحِمَ اللهُ عَبْداً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى([1])، وَدُعِيَ إِلَى رَشَاد فَدَنَا([2])، وَأَخَذَ بِحُجْزَةِ([3]) هَاد فَنَجَا، رَاقَبَ رَبِّهُ، وَخَافَ ذَنْبَهُ، قَدَّمَ خَالِصاً، وَعَمِلَ صَالِحاً، اكْتَسَبَ مَذْخُوراً([4])، وَاجْتَنَبَ مَحْذُوراً، رَمَى غَرَضاً، وَأَحْرَزَ عِوَضاً، كابَرَ هَوَاهُ([5])، وَكَذَّبَ مُناهُ، جَعَلَ الصَّبْرَ مَطِيَّةَ نَجَاتِهِ، والتَّقْوَى عُدَّةَ وَفَاتِهِ، رَكِبَ الطَّرِيقَةَ الْغَرَّاءَ([6])، وَلَزِمَ الْمحَجَّةَ([7]) الْبَيْضَاءَ، اغْتَنَمَ الْمَهَلَ([8])، وَبَادَرَ الأجَلَ، وَتَزَوَّدَ مِنَ الْعَمَلِ"([9]).
[3] اقتدى بالقدوة الحسنة.
[4] ذخيرةً مخبأة له في آخرته.
[9] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٦ - الصفحة ١٧٢.