من أقوال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ج5

2023.09.24 - 10:47
Facebook Share
طباعة

 إنّ أقوال أمير المؤمنين في شتّى المواضيع، هي حكم ومواعظ عظيمة يتناقلها البشر على اختلاف مذاهبهم وأهواءهم، وحتّى دياناتهم وقوميّاتهم. وسنستعرض وإيّاكم جملةً من أقوال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام):

- عندما تواتيك الفرصة للاقتصاص من عدوّك، وتجتمع لك القدرة عليه، تذكّر أنّ ذلك عطيّة من الله، وأنّ القوّة لله جميعاً، وأنّه أعطاك سلطاناً منه فأصبحت به على عدوك قادراً، في عزّ ذاك الزّهو، وفي الوقت الذي يسرف فيه المرء في الانتقام والتشفّي، كن أنت الإنسان الذي يعفو، واجعل هذا العفو شكراً لله الذي أعطاك هذه القدرة:             
"إذا قَدَرْتَ عَلى عَدُوِّكَ، فَاجْعَلِ العَفْوَ عَنْهُ شُكْرَ القُدْرَةِ عَلَيْه"([1]).
ويقول عليه السلام، لا يستطيع الإنسان إخفاء مكنونات صدره، فما يضمره لا بدّ أن يظهر في كلامٍ له يخرج عن غير قصد، أو في عبير يرسمه على وجهه دون أن ينتبه:
"ما أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إلاَّ ظَهَرَ منه فِي فَلَتاتِ لِسانِهِ وَصَفَحاتِ وَجْهِهِ"([2]).
 يقول عليه السلام، إنّ من إشارات العيون المريبة، وزلات اللسان، والشهوات المضمرة في القلوب وإن لم تظهر، والخطأ في التعبير أثناء الحديث، ذنوباً صغيرة ولكن مفعولها خطير على الأمّة والمجتمع، فنسأل الله أن يغفرها لنا:
"اللّهُمَّ اغْفِرْ رَمَزاتِ الأَلْحاظِ([3])، وَسَقَطاتِ الأَلْفاظِ([4])، وَشَهَواتِ الجَنانِ([5])، وَهَفَواتِ اللِسانِ"([6]).
يقول أمير المؤمنين عليه السلام في البخيل أنّه شخص عالة على المجتمع، لا يثق بالله، ولا يحسن الظنّ بخالقه، يخاف الفقر فيعيشه، مع ذلك، فإنّه سيحاسب في الآخرة عن ماله الذي خبّاه واكتنزه ولم يدخله في الدورة الاقتصاديّة للمجتمع، فيكون الأمر وبالاً عليه في الدنيا والآخرة:
"البَخِيْلُ مُسْتَعْجِلٌ لِلفَقْرِ؛ يَعِيْشُ فِي الدُنْيا عَيْشَ الفُقَراءِ، وَيُحاسَبُ فِي الآخِرَةِ حِسابَ الأغْنِياءِ([7])".
يحدد أمير المؤمنين عليه السلام الفرق بين العاقل والأحمق بذلك التأني والتفكير الذي يحرص العاقل قبل أن يبادر بالكلام، بينما الأحمق يتكلم فوراً محكوماً بردّ الفعل دون تدبر بالكلمات التي يبديها:
"لِسَانُ العَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ، وقَلْبُ الأحْمَقِ وَراءَ لِسانِهِ([8])".
 يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الكرم والشجاعة، أنّهما علّتان يلتصقان بالإنسان، ووصفهما بالعلّتين كونهما يخلفان المنطق في كثير من الأحوال، ويحملان المرء على التصّرف بعكس غريزته أو مصلحته، فحين يهرب النّاس يبقى الشجاع، وحين يحجم الناس عن العطاء يتقدم الكريم، ومع ذلك، فأمير المؤمنين يثبت فيه هاتين العلّتين، ويدعو الله ألا يخليه منهما، فغاية وجوده يتجلّى فيهما:
"علتان لا شفانِي اللَهُ منهما، الكرم و الشجاعة([9])"
 
يحذّر أمير المؤمنين أولئك الذين يستمرون في غيّهم، ويأنسون لبغيهم، ربّما يكونون منتصرين في بعض الأحوال، إلا أنّ القانون الكوني يقول، أن دائرة البغي والسوء ستطاله لا محالة:
"مَن سلّ سيف البغي قُتل به([10])"
 
" لا تستوحشْ طَرِيقِ الحقّ لقلّةِ سالكيهِ"
 
يؤكّد أمير المؤمنين أنّ كثرة النّاس من حولك ليس دليلاً على الصحّة، فالناس يجتمعون حيث تتأمّن مصالحهم، أمّا هو، فيعرف الحقّ بذاته فيلزمه، ولا يهمّه في ذاك وإن بقي وحيداً في الميدان:
"لا يزيدني كثرة الناس حَولي عزًا، ولا تفرقهم عني وحشة([11])"


[1] شرح نهج البلاغة، ابن میثم، ج 5، ص 244و245.
[2] نهج البلاغة: الحكمة ٢٦؛ المائة كلمة للجاحظ: ١١٣ / ٩٦، المناقب للخوارزمي: ٣٧٦ / ٣٩٥، دستور معالم الحكم: ٢٥.
[3]إشارات العيون.
[4] الخطأ في التعبير.
[5] شهوات القلب.
[6] نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ١ - الصفحة ١٢٧.
[7]شرح مائة كلمة لأمير المؤمنين، ابن ميثم البحراني، ص 134.
[8]شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ١٥٩.
[9]أعيان الشيعة - السيد محسن الأمين - ج ٣ - الصفحة ٤٩٥.
[10] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٤ - الصفحة ٢٨٢.
[11]نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٣ - الصفحة ٦٢.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى