عليّ باب مدينة العلم([1])، وهو مستودع العلم الإلهي الذي نزل على الأمين المصطفى (ص)، فكيف يرى الإمام (عليه السلام) العلم؟ بالتأكيد فإن عمق نظرة أمير المؤمنين تختلف عن نظرة الإنسان العادي، فهو الفيلسوف، والمفكّر، والمنظّر، والمحدّث، هو كلّ أوجه العلم في شخص واحد، لذلك هلمّوا بنا لنسمع حديثه عن العلم وفضله، علّنا نحظى بشيء من العلم، وشذرة من بركات مولانا أمير المؤمنين:
سئل الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)([2]):
العلم أفضل أم المال؟ فأجاب (عليه السلام): "إن العلم أفضل"، فقيل له: "وبأي دليل؟"، فأجاب: "لأن العلم ميراث الأنبياء، والمال ميراث قارون وهامان وفرعون. لأن المال انت تحرسه، والعلم يحرسك. لأن لصاحب المال أعداء كثيرة، ولصاحب العلم أصدقاء كثيرة. لأن المال إذا تصرفت فيه ينقص، والعلم إذا تصرفت فيه يزيد. لأن صاحب المال يدعى باسم البخل واللؤم، وصاحب العلم يدعى باسم الإكرام والإعظام. لأن المال يخشى عليه من السارق، والعلم لا يخشى عليه. لان صاحب المال يُحاسب عليه يوم القيامة، وصاحب العلم يشفع لإخوانه يوم القيامة. لأن المال يندرس([3]) بطول المدة ومرور الزمان، والعلم لا يندرس ولا يبلى. لان المال يقسى القلب، والعلم ينير القلب. لأن صاحب المال يتكبر ويتعظم بنفسه، وصاحب العلم خاضع ذليل مسكين".
[1]الحاكم النيشابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 126. ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 3، ص 1102. الترمذي، الجامع الصحيح، ج 5، ص 637
[2] الإمام علي بن أبي طالب، أحمد الرحماني الهمداني، ص 143.