العلم والاستفادة منه، في كلام الامام علي (عليه السلام)

2023.08.07 - 12:19
Facebook Share
طباعة

 إنّ العلم إذا لم يُترجم على أرض الواقع أفعالاً ومنهجاً، كان من أحطّ أنواع العلم، قال أمير المؤمنين عليه السلام:

"أوضع العلم ما وقف على اللسان، وأرفَعُهُ ما ظهر في الجوارح والأركان"([1]).
يقسّم الإمام (عليه السلام) العلم في قوله إلى قسمين:
قسم وضيع، لا قيمة له، لأنّه مجرّد لقلقة لسان، غير متجليّة في تصرفات الإنسان، فكم من شخصٍ يحمل أعلى الشهادات العلميّة، لكنّه في تصرفاته ينتهج منهج الجهّال؟ وهذا النّوع من العلم، يتصف بعدم التأثير في المجتمع، لأنّه لا يتعدّى الأقوال، إنّه ضرب من ضروب التفاخر ليس إلا، لا ينتفع به أحد، ولا حتّى صاحبه. هذا النّوع من العلم، ليس له من استخدامات سوى في مجالات النفاق الاجتماعي والتمويه والخداع. فإن كان هذا عن عمدٍ فتلك مصيبة، وإن كان عن قلّة وعي، فما نفع العلم بالأصل إن لم يرفع وعي الإنسان، وإن لم تترجمه أفعاله وتصرفّاته؟
وقسم يتسم بالرفعة وعلو الشأن والتأثير على الإنسان من جميع جوانبه الجسدية والفكرية، فلا يتصرف إلا وهو محتفظ بوقار علمه، ومطبّق لما يمليه عليه العلم، فكأن العلم دليله في طريق الحياة، لأن الإنسان عندئذ تكون المعلومة قد تعمقت في داخله، وأصبح يعيشها فكرأً ومعنىً، فيكون تطبيقها في حياته دون تكلّف ولا تشاوف، فهو في ذلك لا يتخلف قولهُ عن فعلهِ، ولا فعلُهُ عن قولِهِ، بل يتسابقان دائمًا لتجسيد صورة العالم، المتشرّب للمعرفة.
لذلك دعانا (عليه السلام)، إلى التحلّي بالواقعية والصّدق، وألا نحمل العلم دعاية وإعلاماً، وإنما نحمله للاستفادة الشخصية والاجتماعيّة، والتحلّي به لينعكس بالتالي على تصرفاتنا. وهذا مصداق قول الله تعالى عن العلماء الذين لا ينتفعون بعلمهم إذ قال عزّ من قائل:
{مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفاراً}([2])
فما ينفع الحمار لو حمل أنفس كتب العلم؟ كذلك مثل الذين يحملون العلم من دون تطبيق.


[1]- نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٤ - الصفحة ٢٠.
[2]- سورة الجمعة: الآية 5.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى