الحلم والأناة في كلام الامام علي (عليه السلام)

2023.08.02 - 12:34
Facebook Share
طباعة

 قال الإمام علي (ع):                                                                

«الحلم والأناة توأمان يتبعهما علو الهمّة»([1])
وتكمن أهمية الحلم والأناة، وأثرهما النفسي الإيجابي الكبير على النفس البشرية، في أنّهما يوفران الجو النفسي اللازم لممارسة أعظم الفعاليات فائدةً ونفعاً للإنسان، وهي عادة (التأمّل والتفكّر)، التي لا يمكن أن تـُوجد إلّا في ظل أجواء الاسترخاء النفسي التامّ الذي يُهيئه (الحلم)، وتوأمه من حيث الطبيعة والأثر (الأناة)، الحلم الذي يصفه الإمام (عليه السلام) بإنّه:
«أفضل الحلم كظم الغيظ وملك النفس مع القدرة»([2])
فكم من شخصٍ وقورٍ، يسقط من عينك فور غضبه، لإتيانه الأشياء التي لا تتناسب مع الحكمة والهيبة والأناة؟ فضبط النّفس، وكظم الغيظ هي من أجلّ الصّفات التي يتسم بها العقلاء، حتّى أنّ الله سبحانه وتعالى نوّه بهم، وهل ينوّه الله تعالى إلا بكلّ نفيس؟ قال الله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن النّاس والله يحبّ المحسنين}([3])، فالحلم إذاً هو الوليد الشرعي لوفرة العقل؛ يقول الإمام علي (عليه السلام):
«بوفور العقل يتوفر الحلم»([4])
فلا يمكن أن نرى ناقص عقلٍ حليماً، كما أننا لا نجد حليماً ناقص عقل، فالحلم هو الثمرة الطيبة للعلم، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):
«عليك بالحلم فإنّه ثمرة العلم»([5])
فالتأمّل والتفكّر يجعلان الإنسان على بصيرةٍ من أمره، ومن كان على بصيرة من أمره ومعرفة ً بدربه، انفتحت أمامه سبل الخير والتكامل والصلاح، لإيصاله إلى غايته الكبرى من وجوده في هذا العالم. فعلو الهمّة المنتج للحلم والأناة، اللذان يُهيئان الجو النفسي للإنسان للتأمّل والتفكّر.

 



[1] 469 - شرح نهج البلاغة ج20 ـ ابن أبي الحديد.
[2] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٦٩٠.
[3] سورة آل عمران: الآية 134.
[4] العقل والجهل في الكتاب والسنة - محمد الريشهري - الصفحة ١٠٤.
[5] العلم والحكمة في الكتاب والسنة - محمد الريشهري - الصفحة ٣٨١.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى