الكرم والشجاعة في كلام الامام علي (عليه السلام)

2023.08.02 - 12:33
Facebook Share
طباعة

 الكرم والشجاعة، هما الصّفتان الأبرز في حياة المرء، فإذا كسبهما، فإنّه يكتسب معهما الكثير مما يجمّل شخصيّته في عيون النّاس، وهما لا يتأتيان من الفراغ، بل إنّهما يحتاجان بيئة نفسيّة ملائمة، يقول الإمام علي (عليه السلام):

«الكرم نتيجة علو الهمّة»([1])
إذاً لا يمكننا أن نرى بليداً كريماً، لأن البليد لا يسعى لحياته حقّ السعي، لذلك فإنّه إذا تحصّل -بطريقة أو بأخرى- على مكاسب حياتيّة، فإنّه سيكون أضنّ وأبخل الناس بها، لأنّه يعلم في قرارة نفسه أنّه لن يستطيع الحصول ثانيةً على مثل تلك الفرصة، بينما صاحب الهمّة يعرف أنّه كلّما ازداد كرماً، ازداد تحصيلاً.
والشجاعة في مواجهة النّفس، هي أهمّ المواجهات، فالنفس شحيحة بطبعها، تحبّ الاستئثار بالفضل والنّعيم، لذلك يقول أمير المؤمنين:
«أشجع الناس أسخاهم»([2]).
والشجاعة كما سبق وأشرنا، لا تأتي من فراغ، يقول الإمام علي (عليه السلام):
«شجاعة الرجل على قدر همته»([3])
فأهمّ الصّراعات التي يخوضها المرء، على صعيد حياته الشخصيّة، هي صراعه مع النّفس، لذا يقول الإمام علي (ع):
«أقوى الناس أعظمهم سلطاناً على نفسه»([4])
فالانتصار في هذا الميدان هو حليف من كان شجاعاً شجاعةً تعكس قدر همته العالية وحماسته الشديدة، وتمكّنه من السيطرة على نفسه، فيكون سلطاناً عليها، يكبح جماحها، لا أن يكون عبداً لها ولشهواتها، فتكون هي السلطان عليه، فهذا هو الضعيف المهيض.
في النّهاية يشير أمير المؤمنين (عليه السلام)، إلى أنّ الكمال على الصعيد الشخصي كلّ متكامل، فلا يمكن أن ترى شجاعاً عديم الحكمة، فالشجاعة شيء، والتهوّر شيء آخر، لذلك فإنّ اللبيب صاحب الحكمة والنّظرة الثاقبة، هو أشجع الشجعان، لأنه يعلم أين يضع قوّته، وأين يواجه، وأين يناور:
«لا أشجع من لبيب»([5])

لعلّ تلك الإضاءة على أسمى الصّفات البشريّة المطلوبة من الإنسان، والتي يتمنى الجميع التحلّي بها، أهدانا أياها أمير المؤمنين بحكمته البالغة، وبيانه العظيم، فأصبح لدينا الميزان الحساس الذي نحكم من خلاله على خصال الشخص الذي نريد تزكيته، من غير أن تغرّنا المظاهر الخداعة، والادعاءات الفارغة.



[1] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٤٧٠.
[2] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ١٤١٣.
[3] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ١٤١٢.
[4] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ١٤١٣.
[5] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ١٤١٣.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى