العلم المكنون في كلام الامام علي (ع)

2023.07.27 - 10:21
Facebook Share
طباعة

  

 يعد أمير المؤمنين (عليه السلام) سبّاقاً في كثير من العلوم، كالنحو، وعلوم القرآن -ومنه التفسير-، وأسرار الكون، حيث يقول الإمام (عليه السلام):
"عارية عن المواد، عالية عن القوة والاستعداد، تجلى الله لها فأشرقت، وطالعها فتلألأت، وألقى في هويتها مثاله فأظهر عنها أفعاله، وخلق الأنسان ذا نفس ناطقة، إن زكاها بالعلم والعمل فقد شابهت جواهر أوائل عللها، وإذا اعتدل مزاجها وفارقت الأضداد فقدشارك بها السبع الشداد"([1])
فهذا الوصف لخلق السموات، والبلاغة في تحديد الصورة الأوليّة التي خلق الله سبحانه عليها الخلق، إنّما هي تتجاوز مراتب العلم، لتصب في الاشتراك بالمراتب العلويّة السماويّة بالفعل. وقوله كذلك (عليه السلام):
"في التجارب علم مستفاد"([2])
 فهو بذلك سبق من أسسوا المنهج التجريبي في العلم بقرون عديدة، مرسياً حقيقة علميّة صارخة، بأنّه لا تقدّم، ولا شيء سيتحقق في مجال العلوم بغير تجارب متكررة، يرافقها تسجيل للنتائج والاستفادة من تلك النتائج حتّى وإن كانت فاشلة.
وقوله (عليه السلام) لتلميذه كميل بن زياد، موصياً إيّاه بالمعرفة والحصول عليها:
"ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة"([3])
لقد كان الامام علي (عليه السلام) رجل علم ودين، فهو الذي حوى علوماً شتى، يحار فيها لبّ الباحث، ويضيع فيها الفلاسفة والعلماء، فهو القائل لجلسائه، أنّ العلم الذي تعلّمه من رسول الله، علمٌ سماوي عظيم، لا يستطيع أيّ إنسان مهما بلغت مكانته العلميّة أن يستوعبه، وسوف تضطرب نفسه اضطراب الحبال في الآبار العميقة:
"بَلِ انْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لَاضْطَرَبْتُمْ اضْطِرَابَ الْأَرْشِيَةِ فِي الطَّوِيِّ الْبَعِيدَةِ"([4])، هو القائل أيضاً:
"عندي علم المنايا والبلايا والوصايا والأنساب والأسباب وفصل الخطاب ومولد الإسلام موارد الكفر"([5]).
 


[1] - ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، ج 11: ص 137.
[2] - ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٣٧٦.
[3] - بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٤ - الصفحة ٤١٢.
[4] - نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ١ - الصفحة ٤١.
[5] - بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - الصفحة ٢٢٢.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى