خلقة الجرادة في كلام الامام علي (ع)

2021.12.30 - 07:31
Facebook Share
طباعة

  وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فِي الْجَرَادَةِ، إِذْ خَلَقَ لَهَا عَيْنَيْنِ حَمْرَ اوَيْنِ، وَأَسْرَجَ لَهَا حَدَقَتَيْنِ قَمْرَاوَيْنِ(1)، وَجَعَلَ لَهَا السَّمْعَ الْخَفِيَّ، وَفَتَحَ لَهَا الْفَمَ السَّوِيَّ، وَجَعَلَ لَهَا الْحِسَّ الْقَوِيَّ، وَنَابَيْنِ بِهِمَا تَقْرِضُ، وَمِنْجَلَيْنِ(2) بِهِمَا تَقْبِضُ، يَرْهَبُهَا الزُّرَّاعُ فِي زَرْعِهمْ، وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ ذَبَّهَا(3)، وَلَوْ أَجْلَبُوا بِجَمْعِهِم، حَتَّى تَرِدَ الْحَرْثَ فِي نَزَوَاتِهَا(4)، وَتَقْضِي مِنْهُ شَهَوَاتِهَا، وَخَلْقُهَا كُلُّهُ لاَ يُكَوِّنُ إِصْبَعاً مُسْتَدِقَّةً.
فَتَبَارَكَ اللهُ الَّذِي (يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماوَاتِ وَالاَْرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً)، وَيُعَفِّرُ لَهُ خَدّاً وَوَجْهاً، وَيُلْقِي بِالْطَّاعَةِ إلَيْهِ سِلْماً وَضَعْفاً، وَيُعْطِي الْقِيَادَ رَهْبَةً وَخَوْفاً!
فَالطَّيْرُ مُسَخَّرَةٌ لاَِمْرِهِ، أَحْصَى عَدَدَ الرِّيشِ مِنْهَا وَالنَّفَسَ، وَأَرْسَى
____________
1. قَمْرَ اوَيْن: أي مضيئين، كأن كلا منهما ليلة قمراء أضاءها القمر.
2. المِنْجَل ـ كمنبر ـ : آلة من حديد معروفة يُقْضَبُ بها الرزع، قالوا: أراد بهما ـ هنا ـ رِجْلَي الجرادة، لاعوجاجهما وخُشونتهما.
3. ذَبَّها: دفعها.
4. نَزَواتها: وثباتها، نزا عليه: وثَبَ.
قَوَائِمَهَا عَلَى النَّدَى(1) وَالْيَبَسِ، قَدَّرَ أَقْوَاتَهَا، وَأَحْصَى أَجْنَاسَهَا، فَهذَا غُرابٌ وَهذَا عُقَابٌ، وَهذَا حَمَامٌ وَهذَا نَعَامٌ، دَعَا كُلَّ طَائِر بَاسْمِهِ، وَكَفَلَ لَهُ بِرِزْقِهِ.
وَأَنْشَأَ (السَّحَابَ الثِّقَالَ)، فَأَهْطَلَ(2) دِيَمَهَا(3)، وَعَدَّدَ قِسَمَهَا(4)، فَبَلَّ الاَْرْضَ بَعْدَ جُفُوفِهَا، وَأَخْرَجَ نَبْتَهَا بَعْدَ جُدُوبِهَا(5).
1. الندى ـ هنا ـ : مقابل اليَبَس ـ بالتحريك ـ .
2. الهَطْل ـ بالفتح ـ : تتابع المطر والدمع.
3. الديم ـ كالهِمَم ـ جع ديمة: مطر يدوم في سكون بلا رعد ولا برق.
4. تعديد القِسَم: إحصاء ما قُدّر منها لكل بقعة.
5. جُدوب الارض: يَبَسها لاحتجاب المطر عنها.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى