كيف نستفيد من منهج الامام علي (ع) لتحقيق العدالة الاجتماعية ج6

2021.09.30 - 09:53
Facebook Share
طباعة

الدكتور عدي حاتم المفرجي:
إنّ منهج الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في العدالة الاجتماعيّة، ينقسم إلى محورين، الأول هو التربية الدينيّة المؤمنة بالفرد والمجتمع والثاني السياسة الاقتصادية الناجحة. أما المحور الأوّل، فإذا زرعت التربية الدينيّة بالشكل الصحيح، فالكل سيعرف حقوقه وواجباته، وبالتالي لا ظالم ولا مظلوم، وخير مصداق لذلك قوله (عليه السلام) عن العدالة الاجتماعية العالميّة، أنّ الإنسان إمّا أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق.
وهنا علينا الوقوف عند قوله في الدين بشكل مطلق، لم يخصص في قوله الدين الإسلامي، أو المسيحي، أو اليهودي وغير ذلك، بمعنى أخوّة في التوحيد، وإذا كان غير ذلك، فقد خلقَنا الله من نظير متشابه في الخلقة. هذه دعوه للتسامح الاجتماعي، والمساواة في تقبّل الآخر، وينطلق من التفهّم الديني، كتربية وتهذيب، وزرع النفوس الطيبة، فكلّما ارتقى الإنسان بتعاليمه الدينيّة، كلما وصل إلى مرحلة السموّ الإجتماعي.
أما المحور الثاني، فهو السياسة الاقتصادية، والتي يمكن أن تُعرّف، بمجموعة الإجراءات التي تسعى إلى تحقيق التكامل الاقتصادي، ومن خلال الاطلاع على سياسة الإمام عليّ (عليه السلام) الاقتصاديّة أثناء خلافته، فأرى أنها تقترب مما نستطيع تسميته الآن، بالمنهج الاقتصادي الاشتراكي، الساعي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية على قدم وساق، من خلال عمله (عليه السلام) المساواة في العطاء، بين العرب والموالي، أو دعم الفقراء، أو صيانة بيت المال، أو إلغاء تقريب أقرباء الخلفاء السابقين من الشؤون المالية، وحتّى عن نفسه ومحاورته المشهورة مع أخيه عقيل، أو القضاء على الفساد المالي والاثراء غير الشرعي من العهود السّابقة، ونظر إلى الزكاة كمورد هام في تحقيق العدالة الاجتماعية، عندما ربطها بتحقيق العدالة المعنوية والمادية للمزكّي، من توفير امثل الوسائل الضامنة المساعدة في التعبّد والتقرّب من الله تعالى، وأيضا تلبية الاحتياجات لكل مسلم وبخاصّة السكن والأمور المعيشيّة.
ودعم التجارة بشرط تفقّه صاحبها بالأمور الدينيّة، وبخاصة ما يتعلق بالاحتكار وضبط الأسعار، فهناك تسعيرة شرعيّة أقرّها الدين الحنيف، لايمكن تجاهلها. إن هذه المعطيات تصبّ في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعيّة، فاللاقتصاد دور مؤثر وفاعل في الاستقرار الاجتماعي، وأعطي مساحة واسعة عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) عندما جسدّه في قوله المشهور، لو كان الفقر رجل لقتلته، وهو دليل على أن الدولة التي تفقر مجتمعها كافرة واجبة المحاربة، ومن خلال الاطلاع على سير التاريخ، وحوادث الأمم نجد أن ثورتها كانت بدافع اقتصادي، المحرك الرئيسي والفاعل في التغيير إلى الأفضل.
وهذه دعوة للاقتداء بمنهج فريد وصالح، وهو منهج مهجور متروك أسير الماضي، ونكتب ونستمع الأذان بأعماله دون تطبيق.
السلام على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، السلام على أمام المتّقين وصاحب الدولة العادلة.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى