حاجتنا إلى الإمام علي (عليه السلام)

2022.02.26 - 10:13
Facebook Share
طباعة

يواجه المستضعفون اليوم، أعتى فصول المؤامرة الطاغوتيّة الكبرى، فقد تكالب عليهم أهل الجور من كلّ فج وصوب، الطغاة، المتجبرون، المستكبرون، كلّ من أفلت من سيف عليٍّ (عليه السلام) يوماً، تجمّعوا وأعلنوها حرباً على الإنسانيّة.
بما أنّ الحال هذه، إذاً فنحن بأمس الحاجة أن نبعث عَـلِـيّاً (عليه السلام) من جديد، كي يركز لواء الحق، ويعيد مكانة الإنسانيّة كملجئٍ ومنجىً لكل مستضعف. إن مجرّد ترداد اسم عَـلِـيّ من جديد، كفيلٌ بأن يفتّ في عضد الطغاة، وجديرٌ بأن يجعل الأُمَّـة تستفيق من جديد.
ربّما يتشدّق متشدقٌ من حلف الطّغاة، وكيف تبعثُ علياً، وقد قتلناه منذ ألفٍ وأربعمائة عام؟ فأجيبه بلسان رسول الله، قال رسول الله (ص): "عليّ مع القرآن، والقُـرْآن مع عَـلِـيّ([1])". فهل مات القرآن يا أبله؟
نهج عليّ مازال يتفاعل في المهج والنفوس، مازال يضطرم في القلوب. اذكر علياً بين الفقراء والمساكين، وأهل الإيمان، تراهم يصيحون جميعاً، "وا عليّاه، لبيك يا عليّ".
تُرى ما هو السرُّ في كُره أهل الباطل لعلي؟ الجواب واضح، فهو الذي أشهر سيفه في وجههم منذ نصّبه الرّسول في أوّل الدّعوة وزيراً له([2])، فطفق يمسح برؤوسهم، حتّى قتلوه غيلة في محرابه، لم يستطع أحدٌ منهم النيل منه في الميدان، فما كان منهم إلا أن سنّوا سنّة القتل في بيوت الله، وما زالت هذه السنّة القبيحة متوارثة في أنسالهم حتّى اليوم، يفجّرون المساجد بأهل القبلة، ويقتلون النّاس في بيوت الله. ما أحوجنا اليوم إليك يا أمير المؤمنين، كي تفرّق عُصبتهم، وتشتت شملهم، فو الله ما خشيت يوماً من مواجهتهم وحدك. قال (عليه السلام): "إني والله لو لقيتهم فرداً وهم ملئ الأرض ما باليت ولا استوحشت([3])"، فهل عرفتم لماذا ينفرون من اسم عليّ؟ ويكمل عليه السلام من ذات الخطبة: "وإني من ضلالهم الذي هم فيه، والهدى الذي أنا عليه، لَعلى بصيرة من نفسي ويقينٍ من ربي، وإني إِلَـى لقاء الله لمشتاق([4])"، فكيف يخاف من هو على اتصال دائم مع ربّه، أترى علينا أن نخشى شيئاً، وعليّ عليه السلام يرسم لنا خارطة الطّريق؟ علينا أن نُظهر للطغمة المستبدّة أننا لم نعد نخشاهم، فإنّ هذا أدعى لهم أن ينكفئوا، ويفرّوا من أمامنا كما فروّا في النهروان وصفّين.
نجدد نهج علي، نعم، لأنّ عليّاً ما كان يطمع في خلافة، ولا ولاية، إنّما كان يأسف أن يتولّى أمّة رسول الله، من هم أراذل النّاس من بني أميّة والعباس، وبويه وديلم وسلجوق، فها هو يصرخ في ضمائر المستكينين لهؤلاء: "ولكن آسفاً يعتريني أن يلي أمر هذه الأُمَّـة سفهاؤها وفجّارها فيتخذ مال الله دولاً وعباده خولاً([5]) والفاسقين حزباً([6])"، يستأثرون بالخيرات ومال الأمّة، يمتصّون رحيق الفقراء، ليتك يا أمير المؤمنين قتلت الفقر مع عمرو بن ود وخيبر، فهل عرفتم لمَ نحتاجُ عليّاً؟ فعندما حلل عليه السلام مشاكل المجتمع بكلمة لم يكن كارل ماركس موجوداً بعد، ولا هيجل ولا لينين، قال إنّ الفقر سبب كلّ مشكلة اجتماعية، لذا فإنّ أصحاب الجور يكرّسونه في طل البلاد وعرضها، ليتسنى لهم إكمال الحلقة حول أعناق البشر. يشكّلون من أهل الفسق حزباً، يسودون به على أهل الأرض، إمبرياليون يطيحون بكل دعائم الإنسانيّة، ويحرقون الأرض تحت أقدام الفقراء.
دعونا الآن نتكاتف، ونرفع لواء الحق، لواء أمير المؤمنين، علّنا نعيد التوازن لهذه الأرض التي فسدت، ونعيد الابتسامة على فم الأطفال، والطمأنينة لقلوب الأمهات، والدّعة لأجساد العجائز، فقد روي أنّه يوم مات أمير المؤمنين (عليه السلام)، بات المئات من الأيتام والعجّز والمساكين من غير طعام.
مؤسسة الإمام علي للدراسات والتوثيق


[1] الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، كتا معرفة الصحابة، ج3، ص124.
[2]راجع أسباب نزول آية "وأنذر عشيرتك الأقربين".
[3] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج6، ص100.
[4]الخطبة السابقة.
[5] خدما وعبيداً.
[6]الخطبة السابقة.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى