الحق في الحرية عند الامام علي (ع)

2021.11.30 - 03:32
Facebook Share
طباعة

 لقد اراد الإمام للإنسان أن يعيش حريته المسؤولة بأوسع معانيها وأجمل أشكالها. وبديهي أن يريد الإمام ذلك لأن هبة الحرية هي من الله ولا يحق لأي كان أن يستعبد إنساناً فقط لأنه أقوى منه سطوة وقدرة ومالاً. وعندما نتأمل بسيرته عليه السلام ندرك كم من الجهود بذلها في سبيل تحرير الرقاب من الاستعباد والعمل بالسخرة، وكم أنفق من مال ليعتق العبيد ليعيشوا كما بقية الناس أحراراً كراماً. ولعل مقولته المشهورة هذه التي قالها في كتابه لابنه الإمام الحسن عليه السلام: "لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً". تؤكد على أنه لا يقبل بأي شكل من الأشكال أن يعيش الإنسان حياة العبودية والمذلة والمهانة تحت قيد إنسان آخر. بل إنه يدعو إلى رفض هذه الظاهرة المقيتة لأن الله جعل الإنسان حراً وخلقه حراً وأنشأه حراً. بحيث لا استحقاق ولا صلاحية لأي كان مهما كانت رتبته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أن يستعبد الناس ويجعلهم أرقاء له. كما أنه يدعو العبيد إلى أن يثوروا ويتمردوا على أسيادهم لأنهم يريدون أن يملكوا ما لا يُملك ويسترقوا ما لا يسترق.
وفي نص آخر للإمام يشير إلى حرية الإنسان في أن يعمل ما بدا له، على أن يكون هو مسؤولاً عن خياراته وتصرفاته استناداً إلى كونه حراً في القول والعمل وفي السكن والتنقل والإيمان والكفر وما إلى ذلك حيث يقول مخاطباً المغيرة بن شعبة: "وقد أذنت لك أن تكون من أمرك على ما بدا لك". ثم يقول لشيخ من أهل الشام حضر صفين: "... ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين".
فالإنسان ليس مجبراً أن يفعل ويقول ما ليس مقتنعاً به بل له الحرية في أن يتجه إلى أي عمل أو أي موقف يراه مناسباً مع قناعاته وتوجهاته. كما أن ذلك يسري على ما يُعرف اليوم بحرية اختيار العمل. أي أن العامل له الحرية في أن يعمل في المجال الذي يتوافق مع كفاءاته ومهاراته ورغباته. وليس لأحد أن يكرهه على مجال لا تطيقه نفسه وبذلك يقول الإمام عليه السلام: "ولست أرى أن أجبر أحداً على عمل يكرهه".
كما أن مسألة الإمرة والإطاعة لا علاقة لها بالاستعباد وإنما هي قائمة على أساس الولاية والقيادة والتنظيم.
يقول عليه السلام: "أيها الناس إن آدم لم يلد عبداً ولا أمة وأن الناس كلهم أحرار ولكن الله خوّل بعضكم بعضا".
فالقائد والولي ليس سيداً يستعبد الناس وإنما يتحمل مسؤوليات وواجبات في تنظيم أوضاع المجتمع وليس له أن يتحكم بخياراتهم وطريقة عيشهم وحرية تفكيرهم. وإنما عليه واجب في تقديم النصيحة لهم والإحسان في معاملتهم وإقامة الحق فيهم.
ففي خطبة له يشير خلالها إلى نعله فيقول: "والله لهي أحب إليّ من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً".

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى