سرّ العطاء عند الامام علي (ع)

2021.11.30 - 03:05
Facebook Share
طباعة

 عندما نريد أن ننفذ إلى عمق أية شخصية من شخصياتنا الإسلامية، علينا أن ندرك سرّ هذه الشخصية، ليكون ذلك هو المفتاح الذي نستطيع أن ننفتح من خلاله على أبعاد هذه الشخصية، لندخلها من موقع الوعي لا من موقع التقليد، وهذا هو الذي يجعلنا نشعر بضرورة التعمّق في شخصيَّة الإمام علي(ع)، لندرك السر في كلِّ هذه الحياة المليئة بالعطاء... فقد أعطى عليّ(ع) كلَّ نفسه؛ أعطى من فكره فملأ الحياة فكراً، وأعطى من بطولته فملأ الحياة فتوحات، وأعطى من قوته فارتفع بالضعفاء إلى مواقع القوة، وأعطى من كلِّ حركته في الحياة عندما حكم، فأخرج الحكم العادل الذي لا يهادن ولا يجامل في خطِّ الله تعالى. فمن أين انطلق علي(ع)؟ انطلق من الإسلام المنفتح على الله، لأنّه مستمدٌّ من الله، ولأنّه يتحرك في طريق الله، وقد تلمَّذ علي(ع)، على الإسلام عندما تلمَّذ على القرآن على أساس أنّه كتاب الله، كما تلمَّذ على رسول الله(ص)، فكانت حياته في مدرسة القرآن الكريم وفي مدرسة رسول الله(ص)، ولهذا استطاع(ع) أن يفهمه القرآن كما لم يفهم أحد، وأن يفهمه رسول الله(ص) وسنّته كما لم يفهمها أحد.ولهذا، فإنّ كلمة رسول الله(ص): "أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها"، لم تكن على أساس القربى أو نتيجةً لحالةٍ عاطفيّة، بل كانت من موقع إظهار آفاق تلميذه الذي تلمَّذ عليه في كلِّ شيء، فكان عليّ(ع) من رسول الله بمنـزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبي بعده. وقد جاء عن عليّ(ع): «علّمني رسول الله ألف بابٍ من العلم ينفتح لي من كلِّ باب ألف باب»، فكان(ع) يعتز بأنه تلميذ رسول الله وتلميذ القرآن الكريم، ولهذا كانت حياته كلّها قرآناً يتحرّك في كلِّ خطوة من خطواته. وكان(ع) يعيش الإسلام بكلّ صفائه ونقائه وحركته وانفتاحه، وكان يواجه الحياة على أساس أنّ الإسلام لم يترك في نفس المسلم أيّ فراغٍ يمكن لشيء آخر أن يملأه، وذلك ما أشار إليه قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}(الأنعام:38).

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى