أولاً). مولده:
في بلاد لا تعرف إلا الشّمس، حيث تحترق الأفكار في الرّمضاء، وتكون الجاهليّة فخراً لمن يريد أن يفتخر. بجوار بيت عتيق تقدّس فيه كلّ شيء، نُصبت الأزلام والأصنام فيه جيلاً بعد جيل، فحوّلته من رمزٍ للتوحيد إلى شعارٍ قبليّ يخصّ العرب جميعهم، إلا أنّه يميّز قريشاً وحدها عن كلّ من حولها. حول بيتٌ تُجبى إليه ثمرات كلّ شيء، لا زالت العرب تحجّ إليه كما علّمهم إبراهيم وإسماعيل. صحيح أنّ الطّقوس تغيّرت، فالناس يطوفون بالبيت عراةً يرددون كلاماً غريباً لا يمتّ لدين إبراهيم بصلة. أسماءٌ باطلة سمّوها ما أنزل الله بها من سلطان تتردد في فناء البيت، ويتركّز كبير الآلهة هبل وزوجته مناة وخليلته العُزّى داخل الكعبة. هذا الوضع المميّز لقريش جعلها قبلة العرب، وسيّدها على المجتمع القبلي في الجزيرة العربيّة، ففيها يُباع كلّ شيء للحجيج على مدار العام، وفي موسم الحج خصوصاً بأعداد كبيرة تحتاج للمأكل والمشرب وكلّ الأشياء التي يستهويها الحاجّ في رحلته إلى البيت العتيق. طبقة من السّادة التّجار نشأت بفضل الحانات والأسواق التي تعجّ بالحجيج. تجّار لا يعرفون من الحياة إلا الدنانير التي تدّرها عليهم خدمة الحجيج، هم في الحقيقة عبدة للدينار، وما تمسّكهم بآلهتهم الحجريّة إلا مراءٌ تمليه عليهم الفائدة والمصلحة من استمرار العبوديّة لها لدى العرب. أشراف مكّة من أبناء قصيّ بن كلاب كبني عبد الدار وبني عبد مناف وبني عبد العزّى كانت لهم الكلمة الأولى والأخيرة في قريش، فهم سدنة الكعبة وخدّام الحجيج، وهم وأحلافهم من العرب يعطون لقريش هيبتها، فقد ساد في مكّة أمان من الغزو لم تعرفه الجزيرة العربيّة كلّها بفضل عزّة وقوّة وتحالفات قصيّ بن كلاب القديمة التي توارثها أبناؤه كابراً عن كابر.
تميّز بنو عبد مناف عن أبناء عمومتهم من بني قصي بن كلاب بتفانيهم في خدمة بيت الله وضيوفه، فكانوا أكثر الباذلين في هذا السبيل، فهاشم، أو عمرو بن عبد مناف بن قصيّ بن كلاب هو الذي أطعم الحجيج وحده يوم أمحلت السّماء فنحر كلّ ما لديه من إبل طوال موسم الحجّ ليُطعم كلّ جائع في مكّة، حتّى الطيور والسّباع أطعمها وهو يهشم[1] بيديه، حتّى قال عنه مطرود بن كعب الخزاعي:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه قوم بمكّة مســــــنتين عجافِ
سُنّت إليه الرحلتان كلاهما سفرُ الشّتاء ورحلة الأصيافِ
فإذا أرّخت قريش تاريخها، لا يمكن إغفال هذا العلم البارز، الذي أعاد لولد إسماعيل اعتبارهم، واستعاد مفاتيح الكعبة من قبيلة خزاعة بعد حربٍ ضروس وجعلها في ولده. وهو الذي سنّ رحلات قريش التّجاريّة التي كانت تسير في الصحراء آمنة مطمئنّة بتجارة قريش التي لا تنقطع، قال الله تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ[2]}.
في زحمة الحجيج والمصالح، وبعد زمن قصي بن كلاب بأربعة أجيال وُلدَ الإمام "عليه السلام" في العقدِ الثاني مِنَ القرنِ السابعِ الميلاديّ لأبوين هاشميين، فأبوه عبد مناف بن عبد المطلب بن هشام، المكنّى أبو طالب، هو سيّد قريش بعد أبيه عبد المطّلب، وأمّه فاطمة بنت الأسد بن هاشم، تزوّجها ابن عمّها أبو طالب، فأنجبت له طالب وعقيل وجعفر، وهي سيّدة من سيدات قريش اللواتي يعرف الجميع حسبها ونسبها الشريف، وزوجها سيد الأسياد في قريش.
هي ليلة كان فيها العباس بن عبد المطّلب جالساً ما بين فريق بني هاشم إلى فريق من بني عبد العزّى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أتت فاطمة بنت أسد وهي حامل لتسعة أشهر. كان يوم تمام بدر رجب، وأنوار القمر تُلبس البيت سكينة ما في الوجود مثلها. أفسح لها الرّجال طريقاً إلى الكعبة، فوقفت بإزائها. سمعوها وسط السّكون تناجي ربّ البيت قائلة: "أي ربّ البيت، إنّي مؤمنة بك، وبما جاء به من عندك جدّي إبراهيم الخليل، باني بيتك العتيق، فأسألك بحقّ هذا البيت ومن بناه، وبهذا المولود الذي في أحشائي الذي يكلّمني ويؤنسني بحديثه، إلا يسّرت عليَّ ولادتي".ما أن انتهت من نجواها حتّى أخذها الطلق، فرمت بنفسها على حائط الكعبة، فانفتح لها البيت من ظهره، ودخلت فاطمة فيه وغابت عن الأنظار، ثمّ عادت الفتحة وانرتقت، فرام الرّهط من بني هاشم أن يفتحوا لها الباب لتصل إليها بعض نسائهم. لكنّ الباب لم ينفتح[3]، اجتمعت رجال قريش ونساؤها بجوار البيت مترقّبين للحدث الجلل، يأخذهم العجب مما حدث، خائفين على فاطمة. وما هي إلا سويعات حتّى خرجت فاطمة من باب الكعبة وفي يدها وليدٌ كأّنه البدر الذي في السّماء. فهلل بنو هاشم للوليد، واستبشروا به، وحملوه وأمّه إلى أبي طالب، يتصايحون فرحين.
جاء الأمين محمّد مسرعاً إلى بيت عمّه بعدما سمع بالقصّة. دخل البيت فاستقبلوه بالبشر والتّرحاب. سأل عن المولود الذي كان يبكي بصوتٍ عالٍ، فما أن دخل عليه الأمين حتّى سكن وأخذ النور ينظر للنور في مشهد لم يألفه أحد من قبل. سلّم الأمين على الوليد قائلاً: "السّلام عليك يا أخي"، فناغاه الوليد على غير عادة حديثي الولادة، ثمّ سلّم الأمين على أمّه وهنّأها بالولادة، وسألها ماذا أسميته، فقالت: "أسميته حيدرة، على اسم أبي الأسد بن هاشم"، فقال الأمين: "بل هو عليّ، وسيكون عليّاً في الأرض وفي السّماء"، ثم لاك تمرةً وحنّكه بها وهو يسمّى عليه بسم الله، والوليد يرفرف بين يديه كفصيلٍ وجد أمّه[4].
ثانياً. تسميتُه:
اسم عليّ اسم غير مطروق بين العرب، ولم يسبق لأحد أنّ تسمّى به، فهو اسمٌ نادرٌ وغريب فيه اسم فاعلٍ مطلق، سمّاه به المصطفى الأمين (ص). إنّما لم يترك أعداء أمير المؤمنين له من فضيلة إلا حاولوا طمسها وتشويهها، إذ أوجد بعض المزيفين للتاريخ شخصيّة قبل أمير المؤمنين زعموا أن اسمها عليٍّ بنِ صعبٍ بنِ بكرٍ بنِ وائلٍ مِنْ ربيعةَ. ([5]) غير أنّ هذه الشخصيّة مختلقة ولا وجود لها في التصانيف التاريخيّة المعتبرة. بل إنّ هناك من الأحاديث الصحيحة المرويّة عن رسول تفيد بأنّ كل أهل الكساء هم أوّل من تسمى بين العرب بتلك الأسماء[6].
وله أيضاً العديد من الكنى، فهو يكنّى بأبي الحسن، وأبي الحسنين، وأبي تراب كما ناداه الرّسول يوم رآه راقداً في المسجد النّبوي، فأخذ النبي يمسح التراب عنه، مردداً: (قُمْ أبَا تُرَابٍ، قُمْ أبَا تُرَابٍ) ([7]).
أيّ النّاس امتلك من اسمه نصيباً كما امتلكه أكير المؤمنين (عليه السلام)؟ إذ كان عليّ الهمّة في كل الأمور، وقّاداً بين يدي رسول الله، أقام أركان هذا الدّين جنباً إلى جنب مع سيّده وأخيه وحميه وابن عمّه المصطفى (ص)، لم يتخلّف عن موقعة، إلا في غزوة تبوك[8]، فكانت تلك هي المرّة الوحيدة التي يبتعد فيها عن رسول الله لأيّام، ثمّ تابع المسيرة بصمت بعد وفاة الرّسول، فكان المعين لكل الخلفاء الذين سبقوه، لا يبخل عليهم بالمشورة والنّصح، حتّى إذا بدأت الفتن، وقُتل عثمان جاءت إليه الخلافة وهو قاليها[9]، فكان بحق امتداداً لعهد رسول الله في المثاليّة والصّدق والعدل والإنسانيّة، حتّى استشهد في الكوفة سنة 40 للهجرة في محراب صلاته. فكان عليّاً كما تنبأ له الرّسول (ص) في كلّ مقطعٍ من مقاطع حياته، إذ لم يذكر له المؤرخون -بجميع أطيافهم- منقصة تُذكر.
ثالثاً - زواجُه:
لم يبتعد الإمام (عليه السلام) عن رسول الله في حياته قطّ، إلا في ثلاث مواقع، يوم فاداه في الفراش ليلة الهجرة الشريفة، ويوم خلفه في المدينة يوم غزوة تبوك، ويم بعثه إلى اليمن برسائله لأهلها فدخلوا في الإسلام على يديه الشريفتين، فكان طوال عمر الرّسول بحق ظلاً للرسول (ص). إذ نشأ الإمام (عليه السّلام) في بيت النّبي وهو طفل، إذ كان الحبّ لرسول الله يجعله يتغيّب عن بيت أبيه ليكون مع حبيبه محمد. كما أنّ فاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين ومربيّة الرّسول بعد أمّه آمنة، كانت تشجّع ولدها عليّاً على ملازمة ابن عمّه محمّداً طوال الوقت. بعد البعثة النبويّة الشريفة، توطّدت العلاقة أكثر بين النّبيّ (ص) وربيبه عليّ (عليه السلام)، فكانا صنوان لا يفترقان أبداً. في البيت في الحرم، وحتّى في الغار، فلمَّا نزلَ الوحيُ الإلهيُّ على رسولِ اللهِ، كان الإمامُ عليٌّ أوّل المؤمنين بما جاء به النّبي. إذاً فهو ربيب النّبيّ، نام في حجره وليداً، ورافقه صبيّاً، وآمن به غلاماً، وصاهره فتّىً، وناصره شابّاً، وتلقّى علومه ليلاً نهاراً، حتّى كان وصيّ الرسول ووليه[10]، حتّى في وفاته لم يتركه عليّ بل كان هو من غسلّه وحنّطه ولحده.
إن من أظهر الحوادث على قرب الإمام من نبيّ الله لهي حادثة تزويجه عليه السلام من العظيمةِ أمّ أبيها فاطمةَ (عليها السلام)، إذ لطالما طمح أكابر الصّحابة بمصاهرة النّبي، غير أنّ رسول الله (ص) رفضَ تلميحاتهم جميعًا، وكان ردُّهُ الوحيدُ أنّه ينتظرُ أمرَ الله في زواجِها، ليزوّجها أخيراً –بأمرِ اللهِ تعالى– من عليّ سيّد شباب المهاجرين والأنصار. فكان قرانهما بسيطاً دون تكلّف يذكر، مع أنّ أبوها هو سيّد المدينة والحاكم عليها، فقد قدّم عليٌّ سيفه مهراً، فرفض رسول أن يبقى صهره بلا سيف، والدّولة الإسلاميّة لازالت في مرحلة النّهوض، لذا باع عليّ درعاً ثانياً له كان قد غنمه في بدر، وقدّم مهر فاطمة بضعة حاجيّات وحصير. هكذا يكون الاقتران بين الأنوار الإلهيّة، فالمادّة بالنسبة لهم لا تعني شيئاً، وليست محلّ نظر. إذاً فلأنّ عليّاً هو الأتقى والأطهرُ كان كفؤاً لبنت رسول الله[11]، فكان نسل النّبوة من صلب عليّ[12]، وهل هناك مثل الحسنين ذريّةً يُباهي الرّسول بها؟
رابعاً _ إيمانه برسالة النبي محمد "ص":
لم تلتصق عبارة "كرّم الله وجهه" إلا بعليّ (عليه السّلام)، فهو لقب لم يحزه أحدٌ من الصّحابة أبداً، وإذا سألت أيّاً كان عن سبب هذا التكريم الخاص لعليّ لأجاب: " لأنه لمْ يسجُدْ لصنمٍ قطّ ([13])". فقد كان أوّل من أسلم مع رسول هو وخديجة، وإنّ اعتداد بعض ذوي النّفوس المريضة بأنّ عليّاً (عليه السلام) هو أوّل صبيّ أسلم، فهذا القول مردود، كون الرّسول قبل من عليّ عليه السلام إسلامه، مما ينفي عنه صفة عدم التمييز، وكذلك فإن تنصيب الرّسول لعلي في وليمة بني هاشم كان بذات الوقت تقريباً، حين نصّبه الرّسول وهو ما يزال غلاماً وزيراً له، حتّى أنّ أبا لهب سخر من أبي طالب يومها قائلاً: "قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع[14]".
خامساً _ مقام والديه عند النبي "ص":
تربّى النّبيّ (ص) في بيت أبي طالب بعد وفاة جدّه عبد المطّلب، فكانت فاطمة بنت الأسد أمّه الثانية. حقّاً لقد آثره أبو طالب على أولاده، وخصّته فاطمة بالعناية، والنّبي أوفى من أن ينسى من آواه وربّاه وأحسن إليه. فعندما توفيِّ عبد المطّلب جاء أبو طالب لفاطمة وقال لها: "اعلمي أنّ هذا ابنُ أخي، وهو أعزّ عِندي من نَفسي ومالي، وإيّاكِ أن يتعرّض علَيه أحدٌ فيما يُريد، فتبسّمت من قوله وقالت له: توصيني في وَلدي محمَّد، وإنّه أحبُّ إليَّ من نفسي وأولادي؟! ففرح أبو طالب بذلك"([15]).
وكانت تغسِّله بالماء، وتدهن شَعره وتُرجّله وتطيبه، وكان النبي (ص) يحبَّها ولا يناديها إلاّ بأمي ([16])، وكانت تجمع له الطعام إذا كان خارج المنزل، فإذا رجع يكون نصيبه محفوظاً. ومن شدَّة حبَّها بالنبي عليه الصلاة والسلام، حتى عندما تزوج السيدة خديجة، دفعت إليه بفلذة كبدها ابنها علي بن أبي طالب، ليكون في ولايته صلى الله عليه وسلم، بعد زواجه من أم المؤمنين خديجة عليه السلام، فكيف ردَ لها النبي عليه الصلاة والسلام أفضالها؟
حين توفّيت فاطمة بنت الأسد أمّ أمير المؤمنين (عليه السلام)، خلع النّبي (ص) قميصه وكفِّن به السيدة فاطمة، ولمَّا أنزلت بقبرها نزل معها وأخذ يحفُر ويوسِّع التراب بيديه الشريفتين. اضجع قليلاً إلى جوارها، ثمّ خرج وعينه تفيض من الدمع حزناً عليها ([17])، ودعا لها بأن تبعث وهي كاسية[18] بقميصه المبارك. ولمَّا سأله بعضهم: يا رسول الله، رأيناك صنعت شيئًا لم تصنعه بأحدٍ، فقال: "إِنِّي أَلْبَسْتُها قَمِيصِي لِتَلْبَس مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ، وَاضْطَجَعْتُ مَعَهَا فِي قَبْرِهَا لَيُخَفَّف عَنْهَا مِن ضَغْطَة الْقَبْرِ، إنَّها كانت أحسن خلق الله صنيعا بي بعد أبي طالب".
قال رسول الله (ص) لمـَّا ماتت فاطمة بنت أسد: "رحمك الله يا أمي كُنتِ أمي بعد أمي، تجوعين وتشبعيني، وتعرين وتكسيني، وتمنعين نفسكِ طيّبا وتطعميني، وتريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة"([19]).
أمّا أبو طالب، فيُشكل على بعض العوام أنّه كان على الشّرك، ومات وهو مشرك، وهم بذلك إنّما يبغون الطّعن في أمير المؤمنين، وهو ابن الشريفين، فأبو طالب كافل الرّسول (ص)، وهو الذي نزل فيه قول الله تعالى: "ألم يجدك يتيماً فآوى[20]". وقد قال رسول الله عن كافل اليتيم: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة[21]"، وأشار إلى اصبعيه الشريفين السبابة والخنصر. أفيكون كافل أيّ يتيمٍ مجاوراً لرسول الله في الجنّة بينما من كفل خير يتيمٍ على وجه البسيطة في النار؟ وهناك من الأدلّة ما يقطع بإيمان أبو طالب منها:
- لم يفرّق رسول الله بين فاطمة بنت أسد وبين عمّه أبوطالب -مع حرمة بقاء هذا الزواج بين المسلمة والمشرك- وقد روي عن الإمام زين العابدين عليه السّلام أنّه سُئل عن أبي طالب: أكان مؤمناً؟ فقال: واعَجَباه! أيطعنون على أبي طالب، أو على رسول الله صلّى الله عليه وآله، وقد نهاه الله أن يُقرّ مؤمنةً مع كافر في غير آيةٍ من القرآن؟! ولا يشكّ أحد أنّ (فاطمة) بنت أسد من المؤمنات السابقات، وأنّها لم تزلْ زوجةً لأبي طالب حتّى مات أبو طالب رضي الله عنه[22].
- لَمَّا مات أبو طالب جاء عليٌّ (ع) إِلى النبي (ص) فأخبره بموته، فتوجَّعَ عظيماً وحزن شديداً، ثمَّ قال: امضِ فتولَّ غُسلَهُ فإِذا رفَعتهُ علَى سريره، فأَعلمني ففعل[23]، فاعترضهُ (ص) وهو محمولٌ، فقال لهُ: وصلتكَ رحمٌ يا عمِّ! وجزِيتَ خيراً، فلقَدْ رَبَّيْتَ، وكفلْتَ صغيراً، ونصرْتَ وآزرْتَ كبِيراً، ثُمَّ تَبِعَهُ إِلَى حُفرتهِ، فوقف عليه، فقال: أَمَ واللَّهِ لأَستغفرنَّ لَكَ ولأَشْفَعَنَّ فيكَ شفاعةً يعجبُ لها الثَّقَلان.[24]
- لم تتجرّأ قريش على رسول الله إلا بعد وفاة أبي طالب، فمكيدة قتله (ص) ليلة الهجرة ما كانت لتكون لو كان أبو طالب على قيد الحياة.
فأيّ النّاس كان له أمٌ كأم عليّ أمير المؤمنين، ومن له أبٌ كأبيه، فهو ابن الأكرمين، لا يدانيه أحد في مقامه ولا نسبه الشريف، ولا سابقته في الإسلام.
[1] هشم اللحم أو الثريد فتته وقطّعه.
[3] الحاكم في مستدركه، ج3، ص 483.
وقال شهاب الدين السيد محمود الآلوسي صاحب التفسير الكبير في (شرح الخريدة الغيبية في شرح القصيدة العينية) لعبد الباقي أفندي العمري ص 15 عند قول الناظم
:
أنت العلي الذي فوق العلى رفعا * ببطن مكة عند البيت إذ وضعا
[4] - وقال الحافظ ابن حجر: ولد على الصحيح قبل البعثة بعشر سنين، فرُبّي في حجر النبي "ص"، وشهد معه المشاهد إلا غزوة تبوك، استخلفه النبي على المدينة، وكان اللواء بيده في أكثر المشاهد. الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر، 2/ 507، وانظر: تاريخ الخلفاء، صفحة 166.
[5] - كتاب المؤرخِ الأندلسيّ في سيرةِ الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام".
[6] أهل الكساء هم محمد وعلي والحسن والحسين، راجع الاستيعاب، لابن عبد البرّ 2: 418 (590) خارجة بن زيد.
والطبقات الكبرى، لابن سعد 1: 65 ذكر أُمّهات آباء رسول الله.
[7]- رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 6280، صحيح.
[8] فقد خلّفه الرّسول على المدينة وحديث أنت مني بمنزلة هارون من موسى هو من الأحاديث الصحيحة المتواترة.
[11] ابن شهراشوب، ج2، ص29.
[12] المتّقي الهندي، كنز العمال، فضائل علي، ج11، ص600. الطبراني المعجم الكبير، ج3، ص43. السيوطي الجامع الصغير، ج1، ص262، والكثيرون مما سواهم.
[13] - الانتصار، للعاملي، الجزء 6، الصفحة 23.
[14] الكامل في التّاريخ، ج1، ص661.
[15] - العلامة المجلسي, بحار الأنوار: ج15، صفحة 383.
[16] - العلامة المجلسي، بحار الأنوار: ج35، صفحة 83، ج26.
[17] - رواه الطبرانى في المعجم الأوسط 7/87/6935، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 1/76/289, جميعاً من طرق عن الحسن بن بشر البجلي ثنا سعدان بن الوليد بيَّاع السابِري عن عطاء بن أبي رباح.
[19] - الهيثمي، مجمع الزوائد، الجزء 9, الصفحة 256.
[20] سورة الضّحى، الآية 6.
[21] صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم 1918، صححه الألباني.
[22] الحجّة على الذاهب، للسيد فخار بن معد الموسوي، ص123-124.
[23] المجلسي، بحار الأنوار، ج35، ص163. ابن جوزي، تذكرة الخواص، ج1، ص145
.
[24] البلاذري، أنساب الأشرف، ج1، ص29. وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج7، ص76.