تغير احوال الناس حسب كلام الامام علي (ع)

2024.03.30 - 07:54
Facebook Share
طباعة

  "ذِمَّتي بِمَا أَقُولُ رَهِينَةٌ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ([1]) إِنَّ مَنْ صَرَّحَت لَهُ العِبَرُ([2]) عَمَّا بَيدَيْهِ مِنَ المَثُلاتِ([3]) حَجَزَهُ التَّقْوَى عَنْ تَقَحُّمِ الشُّبُهَاتِ([4]) أَلاَ وَإِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْئَتِهَا([5]) يَوْمَ بَعَثَ اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله، وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً([6])، وَلَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً وَلَتُسَاطُنَّ([7]) سَوْطَ القِدْرِ حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلاَكُمْ، وَأَعْلاَكُمْ أَسْفَلَكُمْ، وَلَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا، وَلَيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا. وَاللهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً([8]) وَلا كَذَبْتُ كِذْبَةً، وَلَقَدْ نُبِّئْتُ بِهذا المَقامِ وَهذَا اليَوْمِ. أَلاَ وَإِنَّ الخَطَايَا خَيْلٌ شُمُسٌ([9]) حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُها، وَخُلِعَتْ لُجُمُهَا([10]) فَتَقَحَّمَتْ([11]) بِهِمْ في النَّارِ أَلاَ وَإِنَّ التَّقْوَى مَطَايَا ذُلُلٌ([12]) حُمِلَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، وَأُعْطُوا أَزِمَّتَها([13])، فَأَوْرَدَتْهُمُ الجَنَّةَ. حَقٌّ وَبَاطِلٌ، وَلِكُلٍّ أَهْلٌ، فَلَئِنْ أَمِرَ([14]) البَاطِلُ لَقَدِيماً فَعَلَ([15])، وَلَئِنْ قَلَّ الحقُّ لَرُبَّما وَلَعَلَّ، وَلَقَلَّمَا أَدْبَرَ شَيءٌ فَأَقْبَلَ! وأقول: إنّ في هذا الكلام الاَدنى من مواقع الاِحسان ملا تبلغه مواقع الاستحسان، وإنّ حظ العجب منه أكثر من حظ العُجب به، وفيه ـ مع الحال التي وصفنا ـ زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان، ولا يَطَّلع فَجها([16]) إنسان، ولا يعرف ما أقوله إلاّ من ضرب في هذه الصناعة بحق([17])، وجرى فيها على عرق (وَمَا يَعْقِلُهَا إلاّ العَالمِونَ)"([18]).

وقال (عليه السلام) في هذه الخطبة أيضاً:
"شُغِلَ مَنِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ أَمَامَهُ! سَاعٍ سَرِيعٌ نَجَا، وَطَالِبٌ بَطِيءٌ رَجَا([19])، وَمُقَصِّرٌ في النَّارِ هَوَى. الَيمِينُ وَالشِّمالُ مَضَلَّةٌ، وَالطَّرِيقُ الوُسْطَى هِيَ الجَادَّةُ([20])عَلَيْهَا بَاقي الكِتَابِ وَآثَارُ النُّبُوَّةِ، وَمِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ([21])، وَإلَيْهَا مَصِيرُ العَاقِبَةِ. هَلَكَ مَنِ ادَّعى، وَخَابَ مَنِ افْتَرَى، مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ([22])، وَكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلاً أَلاَّ يَعْرِفَ قَدْرَهُ، لاَ يَهْلِكُ عَلَى التَّقْوَى سِنْخُ أَصْلٍ([23])، وَلاَ يَظْمَأُ عَلَيْهَا زَرْعُ قَوْمٍ. فَاسْتَتِرُوا بِبُيُوتِكُمْ، وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ وَرَائِكُمْ، وَلاَ يَحْمَدْ حَامِدٌ إِلاَّ رَبَّهُ، وَلاَ يَلُمْ لاَئِمٌ إِلاَّ نَفْسَهُ"([24]).


[1] يحضّهم أمير المؤمنين على سماع قوله، قائلاً: أنا كافل هذا الكلام أنّه صداق.
[2] كشفت له الأمثلة والعبر.
[3] ما رأه من الأمثلة الصريحة.
[4] لا يمكن أن يقع في المحرمات والأعمال المشبوهة.
[5] لقد استعادت البلايا شكلها قبل البعثة، أي أن الجاهلية عادت.
[6] سوف تخضّكم البلايا خضّاً.
[7] يضربكم السوط.
[8] كلمة.
[9] جامحة.
[10] أصبحت بلا لجام.
[11] أدخلتهم النّار دون أن يستطيع راكبوها أن يمنعوها من ذلك.
[12] خيول مطيعة.
[13] لجامها بأيديهم.
[14] كثُر.
[15] فهذا حدث عبر التاريخ مرارا، ولكن للباطل جولة وللحق جولة.
[16] طريقها.
[17] من كان له باع طويل في الفصاحة.
[18] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد – ج 1 – الصفحة 272.
[19] طالب دخول لكنّه أبطأ في عمله في الدنيا، فهو على بابها يرجو ربّه أن يُدخله.
[20] هي الطّريق السويّة التي توصلك إلى غايتك.
[21] هي المنفذ الوحيد إلى سنّة رسول الله.
[22] استدار عن وجهة الحق.
[23] الأصيل.
[24] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١ – الصفحة 273.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى