يصف أمير المؤمنين (عليه السلام)، مواقف أصحاب النّبي (صلى الله عليه وآله) وشدّة إيمانهم به، وتفانيهم في سبيل نشر دين الله، حتّى استقرّ الدين، وانتصر الحق، ثمّ يقارنهم بأصحابه، وتخاذلهم معه، ويبشرّهم بالذل والمهانة والنّدم على ذلك:
"وَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)، نَقْتُلُ آبَاءَنا وَأَبْنَاءَنَا وَإخْوَانَنا وَأَعْمَامَنَا، مَا يَزِيدُنَا ذلِكَ إلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً، وَمُضِيّاً عَلَى اللَّقَمِ([1])، وَصَبْراً عَلى مَضَضِ الاْلَمِ([2])، وَجِدّاً عَلى جِهَادِ الْعَدُوِّ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَالاْخَرُ مِنْ عَدُوِّنا يَتَصَاوَلاَنِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ، يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا ، أيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ المَنُونِ([3])، فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا، ومَرَّةً لِعَدُوِّنا مِنَّا، فَلَمَّا رَأَى اللهُ صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ([4])، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصرَ، حَتَّى اسْتَقَرَّ الإسْلاَمُ مُلْقِياً جِرَانَهُ([5]) وَمُتَبَوِّئاً([6]) أَوْطَانَهُ، وَلَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ، مَا قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ، وَلاَ اخْضَرَّ لِلإيمَانِ عُودٌ، وَأَيْمُ اللهِ لَتَحْتَلِبُنَّهَا([7]) دَماً، وَلَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً"
([8]).
[1] خطوة بخطوة، كناية عن البطء في التقدم.
[5] ألقى جرانه، أي تمكن واستمكن.
[7] تحلبون الدم، أي ستلاقون وبال أمركم وتخاذلكم.
[8] بحار الأنوار ج32 ص546. حياة أمير المؤمنين (ع) عن لسانه - محمد محمديان - ج ١ - الصفحة ١١٢.