قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنّ الزمان سينقلب، ويتحوّل فيه الحقّ إلى باطل، والمنكرات إلى عرف يتداوله النّاس، وسيغيب كتاب الله عن أفئدة النّاس وتصرّفاتهم، وسيحمل أهل العلم الكتاب على آرائهم وليس العكس، وستخلو الدنيا من الإيمان، حتّى يأتي النّاسَ أمرُ الله فجأة وهم لاهون:
"وَإِنَّهُ سَيَأْتي عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي زَمَانٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ أَخْفَى مِنَ الْحَقِّ، وَلاَ أَظْهَرَ مِنَ الْبَاطِلِ، وَلاَ أَكْثَرَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِ ذلِكَ الزَّمَانِ سِلْعَةٌ أَبْوَرَ([1]) مِنَ الْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ، وَلاَ أَنْفَقَ مِنْهُ([2]) إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ([3])، وَلاَ فِي الْبِلاَدِ شَيءٌ أنْكَرَ مِنَ الْمَعْرُوفِ([4])، وَلاَ أَعْرَفَ مِنَ المُنكَرِ([5]) فَقَدْ نَبَذَ الْكِتَابَ حَمَلَتُهُ([6])، وَتَنَاسَاهُ حَفَظَتُهُ([7]); فَالْكِتَابُ يَوْمَئِذ وَأَهْلُهُ مَنْفِيَّانِ طَرِيَدانِ([8])، وَصَاحِبَانِ مُصْطَحِبَانِ([9]) فِي طَرِيق وَاحِد لاَ يُؤْوِيهِمَا مُؤْو([10]); فَالْكِتَابُ وَأَهْلُهُ فِي ذلِكَ الزَّمَانِ فِي النَّاسِ وَلَيْسَا فِيهِمْ([11])، وَمَعَهُمْ وَلَيْسَا مَعَهُمْ! لأنَّ الضَّلاَلَةَ لاَ تُوَافِقُ الْهُدَى، وَإِنِ اجْتَمَعَا، فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَى الْفُرْقَةِ، وَافْتَرَقُوا عَنِ الْجَمَاعَةِ، كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةُ الْكِتَابِ وَلَيْسَ الْكِتَابُ إِمَامَهُمْ([12])، فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْهُ إِلاَّ اسْمُهُ، وَلاَ يَعْرِفُونَ إِلاَّ خَطَّهُ وَزَبْرَهُ([13])، وَمِنْ قَبْلُ مَا مَثَّلُوا([14]) بِالصَّالِحِينَ كُلَّ مُثْلَة، وَسَمَّوْا صِدْقَهُمْ عَلَى اللهِ فِرْيَةً([15])، وَجَعَلُوا فِي الْحَسَنَةِ العُقُوبةَ السَّيِّئَةَ([16]). وَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِطُولِ آمَالِهِمْ وَتَغَيُّبِ آجَالِهِمْ([17])، حَتَّى نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ([18]) الَّذِي تُرَدُّ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ([19])، وَتُرْفَعُ عَنْهُ التَّوْبَةُ، وَتَحُلُّ مَعَهُ الْقَارِعَةُ([20]) وَالنِّقْمَةُ"([21]).