سيرة الإمام علي عليه السلام في مطعمه وملبسه ج3

2021.11.30 - 12:41
Facebook Share
طباعة

  6 - وقال عليه السلام في كتابه لعثمان بن حنيف: (ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلي تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لاطمع له في القرص، ولاعهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى، أو أكون كما قال القائل:

وحسبك داء أن تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى القد

أأقنع من نفسي بأن يقال: أمير المؤمنين، ولا اشاركهم في مكاره الدهر، أو

أكون اسوة لهم في جشوبة العيش ؟ فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها، أو المرسلة شغلها تقممها، وتكترش من أعلافها - إلى أن قال: - لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما، ولأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها، مستفرغة دموعها، أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك وتشبع الربيضة من عشبها فتربض، ويأكل علي من زاده فيهجع، قرت إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة والسائمة المرعية (1).

وقال محمد عبده في شرحه: (كان - كرم الله وجهه - إماما علي السلطان، واسع الأمكان، ولو أراد التمتع بأى اللذائذ شاء لم يمنعه مانع، وهو قوله (لو شئت لاهتديت - الخ).

والقز: الحرير، والجشع: شدة الحرص، وجملة (ولعل - الخ) حالية عمل فيها تخير الأطعمة، أي هيهات أن يتخير الأطعمة لنفسه والحال أنه قد يكون بالحجاز أو اليمامة من لا يجد القرص - أي الرغيف - ولاطمع له في وجوده لشدة الفقر، ولا يعرف الشبع، وهيهات أن يبيت مبطانا أي ممتلئ البطن والحال أن حوله بطونا غرثى - أي جائعة -، وأكبادا حرى - مؤنث حران أي عطشان -، والبطنة - بكسر الباء -: البطر والأشر والكظة، والقد - بالكسر -: سير من جلد غير مدبوغ، أي أنها تطلب أكله ولا تجده، الجشوبة: الخشونة، التقاطها للقمامة أي الكناسة، وتكترش أي تملأ كرشها، لأروضن: اذللن، وتهش أي تنبسط إلى الرغيف وتفرح به من شدة ما حرمها، ومطعوما حال من القرص كما أن مأدوما من الملح، أي مأدوما به الطعام، ولأدعن - الخ أي لأتركن مقلتي أي عيني وهي كعين ماء نضب أي غار معينها - بفتح وكسر - أي ماؤها الجاري، مستفرغة دموعها أي أبكي حتى لا يبقى دمع، والربيضة: الغنم مع رعاتها إذا كانت في مرابضها، والربوض للغنم كالبروك للأبل، يهجع أي يسكن كما سكنت الحيوانات بعد طعامها، الهاملة: المسترسلة، والهمل من الغنم: ترعى نهارا بلا راع).

(1) - نهج البلاغة، قسم الرسائل / الرقم 45.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى