كيف نستفيد من منهج الامام علي (ع) لتحقيق العدالة الاجتماعية ج1

2021.09.30 - 09:46
Facebook Share
طباعة

العالم بشكل عام، ومنطقنا بشكل خاص، تعيش أزمات معقدة ومركبة كشفتها بشكل واضح محنة وباء كورونا، من ازدياد الفقراء فقرا، وفقد الملايين وظائفهم، وتضخّم فجوات التّفاوت الطبقيّة، وغياب العدالة الاجتماعية بأشكالها السياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية والحقوقية، فالاستبداد يتفشى وتغيب قدرة الشعوب على المشاركة في القرارات السياسية، والشباب يغرقون في مستقبل مجهول، والامية تلتهم الأطفال، والعنف السياسي والاجتماعي يتغول، فالعالم يزداد توحشا وانانية والقسوة تستبيح مناطقنا.
كيف نستطيع الاستفادة من منهج الامام عليّ (ع) لتحقيق العدالة الاجتماعية، وبناء عالم أكثر انصافا ورحمة وتعاونا ومشاركة وتعايشا وتسامحا، تتكافئ فيه فرص عيش الحياة الكريمة، ويكون فيه الربح للجميع لا فئات خاصة؟
الدكتور محمد مسلم الحسيني:
اصلاح العباد والبلاد هو النهج والفكر والرسالة الكبرى في سيرة الإمام عليّ عليه السلام، حيث عالجت خطبه ووصاياه وممارساته اليومية أمور المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والعدلية وغيرها. كان مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية محور أساسي ومتميز في نهج الإمام، حيث كان لا يخشى في الحق لومة لائم حينما عالج الشرخ الكبير، والفرق الواسع الحاصل بين فقراء واغنياء الأمة.
مفهوم العدالة الاجتماعية في نهج الإمام لا يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي في حقلي الإنتاج والتوزيع فحسب بل يتعداه إلى جوانب الحياة الأخرى وقطاعاتها. قوله عليه السلام في العدل والإحسان والانصاف هو خير دليل على ذلك: "وأيم الله لانصفن المظلوم من ظالمه ولأقودن الظالم بخزامته حتى أورده منهل الحق وأن كان كارها([1])". لقد أعلن ثورته الشاملة عند المبايعة، فردّ المال المصادر لبيت مال المسلمين، وأعلن أنّ المال مال الله، فألغى التمايز في العطاء، واقر التوزيع بالقسط والمساواة بين الناس.
من وصاياه أيضا في إقرار العدالة الاجتماعية، وفي تسليط سيف العدالة على رقاب المستبدين قوله: "الذليل عندي عزيز حتى أخذ الحق له والقوي عندي ضعيف حتى أخذ الحق منه([2])".
كما أوصى عليه السلام بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، لأنه من الخطايا الكبرى أن يوضع المرء في غير موضعه، لما في ذلك من خلل قاتل في التدبير والادارة بسبب قلة الدراية. حيث وقال: "فضع كل أمرئٍ موضعه([3])" من أجل تجنب الكوارث بإعطاء أمور الأمة بيد من لا خبرة ودراية له.
ومن باب الدعوة لنزاهة الحاكم، ومن بيده الامر، قال عليه السلام مخاطباً أهل الكوفة: "ان خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي وغلامي فأنا خائن([4])"، فليسمع هذا القول من بيده زمام الأمور ويعتبر. ليس أمام المجتمعات في ظل الظروف الحالية الصعبة إلا انتهاج مبدأ الامام عليّ عليه السلام، فهو نهج القرآن، والأوامر الإلهية.
إنّ تطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية مطلب ضروري ومصيري للمجتمعات قاطبة في كل أنحاء المعمورة. والتكافل الاجتماعي هو المخرج الأساسي من ازمات العالم اليوم، ودون ذلك فالعواقب وخيمة، ولا تحمد عقباها، فليكن لنا في نهج الإمام علي عليه السلام دروسا نقتدي بها من أجل الحفاظ على الأمة ومصيرها ومصالحها.


[1]نهج البلاغة، ج2، ص 19.
[2]نهج البلاغة، ج2، ص 19.
[3] نص عهد الإمام لمالك الأشتر، نهجب البلاغة.
[4]وسائل الشيعة، مجلد11، ص 83.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى