قصة سفانة ابنة حاتم الطائي والامام

2021.08.24 - 08:00
Facebook Share
طباعة

 "سَفَّانة بنت حاتم الطائي"
"لما جيء بسبايا بني طيء إلى المدينة المنورة وأدخل السبي على النبي "ص"، دخلت مع السبايا "سفانة بنت حاتم الطائي"( ), وكانت امرأة عيطاء لعساء، عيناء( ), فعجب الحاضرون من حسنها وجمالها، فلمَّا تكلَّمت نسوا حُسنها وجمالها، لحلاوة منطقها وجمال فصاحتها!( ), فقالت:
حسبما ورد عن أبو جعفر بإسناده عن يونس، عن محمد بن إسحاق, كذلك ورد في كتابات "عدي بن حاتم الطائي", و جاء أيضاً في كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير", وذكرها ذكرها مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ في "المَغَازِي( ), قالت سفانة للنبي "ص":
"يا محمَّد, هَلُك الوالد، وغاب الوافِد، فإن رأيت أن تخلي عنِّي, ولا تشمت بي الأعداء من قبائل العرب، فإنِّي ابنةُ سيِّد قومه، وأنَّ أبي كان يُحِبُّ مكارم الأخلاق( )، وكان يُطعم الجائع، ويفكُ العاني, ويكسو العاري، وما أتاهُ طالب حاجة إلَّا ورَدَّهُ بها معززاً مكرّماً"( ).
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"من والدك و من وافدك؟"
قالت: "والدي حاتم بن عبد الله الطائي، ووافدي أخي عدي بن حاتم"( ).
وكان عدي قد فرَّ إلى الشام( ), بعد هزيمة قبائل بني طي, أمام المسلمين في السنة التاسعة من الهجرة، ثم تنصَّر هناك, والتجأ إلى ملك الرُّوم، فقال "ص":
"فأنت ابنة حاتم الطائي؟"( )
قالت:"بلى".
فقال صلى الله عليه وسلم:
يا سفانة, "هذه الصفات التي ذكرتِها, إنَّما هي صفات المؤمنين" ، ثم قال لأصحابه: "أطلقوها كرامة لأبيها, لأنَّه كان يحب مكارم الأخلاق!! ( )"
فقالت:
"أنا ومن معي من قومي من السبايا والأسرى ؟"( )
فقال صلى الله عليه وسلم:
"أطلقوا من معها كرامة لها ولأبيها"، ثم قال صلى الله عليه وسلم:
"أرحموا ثلاثاً، وحق لهم أن يُرحموا"( ):
"عزيزاً ذلّ من بعد عزّهِ، وغنياً افتقر من بعد غناه، وعالماً ضاع ما بين جُهَّال"( ).
فلمَّا رأت سفانة هذا الخلق الكريم, الذي لا يَصدُر إلَّا من قلبٍ كبير ينبض بالرَّحمة والمسؤوليَّة، قالت وهي مطمئنَّة:
"أشهد أن لا إله إلَّا الله, وأشهد أنَّ محمَّداً رسولُ الله",
وأسلم معها بقيَّة السَّبي من قومِها، وأعاد رسول الله "ص" ما غنمه المسلمون من بني طيء إلى سفانه، ولمَّا تجهزوا للرَّحيل قالت سفانة:
"يا رسول الله إنَّ بقيَّة رجالنا وأهلنا صعدوا إلى صياصي الجبال, خوفاً من المسلمين, فهل ذهبت معنا, وأعطيتهم الأمان, حتى ينزلوا, ويُسلموا على يَدَيك, فإنَّه الشَّرف ؟" فقال "ص":
"سأبعث معكم رجلاً من أهل بيتي, يحمل إليهم أمانيَّ"، فقالت: "من هو يا رسول الله"؟
فقال: "علي بن أبي طالب".
ثمَّ أمر النبي أن يجهِّزُوا لها هودَجاً مبّطناً, تجلس فيه معزَّزة مكرَّمَة وسيرها مع السبايا من قومها, ومعهم علي بن أبي طالب, حتى وصلوا إلى منازل بني طي في "جبل أجأ".
ونادى علي بن أبي طالب, "بأمان رسول الله", بأعلى صوته, حتى سمعه كل من في الجبل، فنزلت رجال طي وفرسانها جماعات وفرادى إلى الوادي, فلمَّا وقعت أبصارهم على نسائِهم وأبنائِهم وأموالِهم, وقد عادت إليهم, بكوا جميعاً, والتفُّوا حول الإمام, وهم يردِّدون الشهادَتين، فلم يمضِ ذلك اليوم, إلَّا ودخلت كلُّ قبيلةِ بني طي في الإسلام، ثم بعثت سفانة إلى أخيها عدي تخبره عن عفو رسول الله "ص", وكرمه وأخلاقه، وحثـّتهُ على القدوم إلى المدينة المنوَّرة, ومقابلة النبي الكريم محمد "ص", والاعتذار منه( ), والدُّخول في الإسلام، وقالت له بعدما سألها "ما ترين بهذا الرجل", فقالت: "أرى أن تلحق به"( ).
فتجهَّز عدي من ساعته, وقصد المدينة( ), ودخل على رسول الله "ص", وأسلم على يديه الشريفَتَين، ثم عاد إلى قومه معزَّزاً مكرَّماًً, وصار بعد ذلك من خيار المسلمين, وهكذا نرى كيف أنَّ هذا الخَلق النبوي, قد جعل من الناس العصاة بشر طائِعين مسلمين, هذا هو الإسلام الحقيقي, وأخلاق ومكارم وعفو( ).

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى