التسامح الديني والسياسي عند الامام علي (ع)

2021.08.23 - 07:41
Facebook Share
طباعة

 ورث الإمام علي تركة مثقلة بالاضطرابات فقد جاء إلى منصب القيادة في الأمة الإسلامية وقد تمزقت أواصرها واضطربت إدارتها، فأراد أن يعود بها إلى أصولها في رسالة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) فرأى القوم قد انحرفوا فأراد أن يقودهم إلى الطريق السوي .

جاء الإمام علي إلى الخلافة كارهاً مضطراً، وأراد أن يجمع الأمة على سبيل واحد، أنّ الإمام علي (ع) عندما تولى الخلافة لم يكن لديه جيش بل كانت المدينة ذاتها تحت سلطان فئات مشاغبة. ولما ثار عليه مَن ثار في العراق وتحصنوا واجتمعوا في العراق وجمعوا جموعهم، خرج الإمام على (ع) من المدينة وليس معه أكثر من 800 شخص، لكنه عندما وصل إلى ميدان المعركة كان معه مايفوق على الألوف . كان الإمام سياسياً عظيماً وقائداً حربياً ماهراً، لكنه واجه قوات وظروفاً عسيرة. أول هذه الظروف والتحديات كانت نكث مَن نكث عهده عليه وخرجوا عليه وتحدوا اختيار الأمة له، وكان اختيارالإمام عليا (ع) من الجمهور كله وانصاعت له الأمة عدا أفراد معدودين، ولما نكثوا عهده لم يقل الإمام قد كفروا ولم يهاجمهم وإنّما حاول إرشاد القوم بالحسنى غير أن أعظم تركة للإمام علي في مجال التسامح الديني إنّما وقعت عندما خرج عليه  الخوارج، هؤلاء القوم زعموا أن الإمام قد انحرف عن جادة الصواب وانّه حكّم الناس حيث ينبغي أن يكون الحكم لله فقالوا "الحكم لله" كما وصفهم الإمام علي "كلمة حق أريد بها باطل"... هؤلاء القوم خرجوا زاعمين أنّهم يريدون القتال من أجل الخلافة وزاعمين أن الإمام علياً قد خان الأمة وأنّه لذلك لم يعد صالحاً لقيادة الأمة بل زاد بعضهم فاتهمه في دينه.

خرجوا وتحصنوا في مكان وهم جنود أقوياء الشكيمة مدججون بالسلاح، قال قوم للإمام عليك بهم، حاربهم فهم يريدون حرباً وعليك بهم فصفهم بما ينبغي أن يُوصفوا به، فانّهم كفرة مارقون خرجوا على الدين وتبرؤوا من البيعة، فما كان جواب الإمام إلاّ أن قال سأتركهم إلاّ أن يسيؤوا، أو يقطعوا الطريق. ولما سأله سائل: أليسوا كفرة؟ قال: كلاّ بل من الكفر فرّوا.وقارنهم بغيرهم فقال: هؤلاء أرادوا الحق فأخطؤوا الطريق وغيرهم أراد الباطل فأصاب الطريق، أي أنّهم أحسنوا النية وأساؤوا الأسلوب، هم يريدون للخلافة أو الامامة أن تكون سليمة قوية ولكنهم بعملهم بالوسيلة التي اتخذوها أفسدوا غرضهم. وبهذا الاسلوب من الفهم والتسامح يكون الإمام علي (ع) وضع أساساً للمجتمع الإسلامي، مجتمع يمكن للأفراد أن يختلفوا في الرأي وأن يجادل أحدهم الآخر في رأيه دون أن يرميه بالكفر أو يحاربه.

 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى