فلسفة الثواب والعقاب عند الإمام علي عليه السلام

2020.08.24 - 10:24
Facebook Share
طباعة

 الكلام عن عدالة الامام علي المرشد ليس ترفا، ولا للاستمتاع ببلاغته واداب لغته، فهو المعلم للبشرية، والحكيم في تعاليمه، والدواء للانفس المريضة، وفيه شفاء للارواح المتعبة، فهو القدوة والكمال الاخلاقي الذي يجب الاضاءة على تفاصيل عدالته، لا ااتفاخر به فقط، بل كي نتعلم منه كيف نحيا بعدالة ومحبة ومساواة.
ومما قاله في هذا السياق:
وَلَا يَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَالْمُسِي‏ءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَزْهِيداً لِأَهْلِ الْإِحْسَانِ فِي الْإِحْسَانِ وَتَدْرِيباً لِأَهْلِ الْإِسَاءَةِ عَلَى الْإِسَاءَةِ وَأَلْزِمْ كُلًّا مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ.
أي أن الإنسان لا يجب ان يساوي بين ظالم ومظلوم، بين مقصر ومكمل لواجباته القانونية والانسانية. ولا يجب ان يقدم لمن أساء نفس المكافأة التي تقدم لمن أحسن عملا، ولا يجب ان يجري تجاهل المحسن فيبدو كما لو انه عفو عمن اساء. فالعدل في مفهوم الإمام علي هو ان يعاقب المسيء وأن يكافأ المحسن حتى تستقيم الامور.
ومن فلسفة العدل في فكر الإمام عليه السلام
الاهتمام بفقراء المجتمع ومساكينه، وذوي الحاجة والعاهات وأهل الفقر الشديد، ممن لا حيلة لهم ولا قوة، ولا مصادر للرزق، وكذلك الأيتام وكبار السن، ممن لا معيل لهم، مما يجعل الحكم العادل لا يكتمل إلا بإنصافهم، وما هو مطلوب من الحاكم مطلوب ايضا من المقتدرين، وقال عليه السلام: وَلَا يَشْغَلَنَّكَ عَنْهُمْ بَطَرٌ فَإِنَّكَ لَا تُعْذَرُ بِتَضْيِيعِكَ التَّافِهَ لِإِحْكَامِكَ الْكَثِيرَ الْمُهِمَّ فَلَا تُشْخِصْ هَمَّكَ عَنْهُمْ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لَهُمْ.
وتفسيره انه لا يجب ان ينشغل المقتدر عن المحتاج بنفسه ومتعه، ولا بما يظهره المحتاج احيانا من صنوف الكفاية، فيراه القادر أنه غير محتاج لتعففه، لذا لا يجب ان يشارك الانسان في قرار العطاء من هم حوله من التافهين الذين قد يثنون الانسان بمشورتهم عن القيام بواجباته نحو الفقراء.
المصدر (النهج شرح ابن أبي الحديد 61ص).
وتبرز فلسفة العدل في فكر الامام في دعوته الناس الى عدم سفك الدماء إلا دفاعا عن النفس ولإنهاء فتنة، ولنهي اصحاب التخريب والعدوان.
إن الإمام عليه السلام يؤكد على أن سفك الدماء الحرام لا يقوّي الحكم، وإنما يضعفه ويوهنه، بل إنه يحذّر الحاكم حتى من القتل الخطأ، الذي يمكن أن يحصل بغير قصد، ويوجب عليه دفع الدية لأولياء الدم، فقال: (إِيَّاكَ وَالدِّمَاءَ وَسَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ شيءٌ أَدْعَى لِنِقْمَةٍ، وَلَا أَعْظَمَ لِتَبِعَةٍ، وَلَا أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَةٍ وَانْقِطَاعِ مُدَّةٍ، مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْعِبَادِ فِيمَا تَسَافَكُوا مِنَ الدِّمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
(النهج شرح ابن أبي الحديد ج17ص79).

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى